عربة صغيرة يجرها حصان يجوب بها شوارع منطقتي الدقي والمنيل بمحافظة الجيزة، يقف أمام البيوت قائلًا بصوت حفظه جميع السكان جيدًا: «جاز»، فتلك هي المهنة التي يرتزق منها إسماعيل كساب، ورغم أن وظيفة بائع الجاز منذ زمن بعيد وعلى وشك الانقراض، إلا أنها مصدر رزقه الوحيد.
يحكي «إسماعيل»، 41 عامًا، أنه عمل في العديد من المهن المختلفة من قبل، وكان آخرها «أسطى مدابغى»، يصنفر الجلود المستخدمة في المدابغ قبل أن تصبغ وتباع: «كنت بحب مهنة الدباغة لحد ما إيدى اليمين جت تحت ماكينة الصنفرة وحصل قطع فيها، وبقى دراعى اليمين عاجز مبقدرش أشيل بيه، وسبت الشغل، وما أدونيش معاش ولا تعويض ولا أي حاجة، واضطريت أدور على مهنة بديلة أصرف منها على عيالي فاخترت بيع الجاز».
يعول أبناءه الخمسة من بيع الجاز
بدأ الرجل الأربعيني في بيع الجاز منذ سنوات، لينفق من خلاله على أبنائه الخمسة: «بيع الجاز الأبيض كان معروف جدًا زمان، وكان الناس بتستخدمه في البواجير ولمبة الجاز الناس، كانوا بيمسحوا بيه الأرض؛ لأنه بيمنع أي حشرة، وفي ناس بتستعمله للشعر عشان يفرده وكمان مفيد للعظام، في ناس بتاخده مني تدهن بيه المناطق اللي فيها خشونة بالكوعين والصوابع، لكن دلوقتي نادرًا لما ألاقي اللي يعرف أهمية الجاز الأبيض أو استعمالاته».
يكافح «إسماعيل» في الحياة والإبتسامة على وجهه والإيمان بالله يملأ قلبه: «قليل لما ألاقي اللي يشتري مني، والأقساط اتراكمت عليا ومضطر أكمل في المهنة لأني معرفش غيرها، بشتغل باليومية وباخد مبلغ بسيط، بس ربنا مابينساش حد».
أمنية بائع الجاز الوحيدة
أمنية واحدة يحلم بها «إسماعيل» وهى أن يكون له معاشا، لكن ما يمنعه عن السير في الإجراءات هو أنه لا يمكنه أن يترك عمله ولو ليوم واحد: «عشان أعمل الإجراءات لازم أتعرض على كومسيون طبي وده محتاج 400 جنيه، المبلغ كبير عليا زائد إن عيلتي هتجوع لو سبت الشغل يوم واحد ومين هياخد باله من الحصان بتاعي ويراعيه».