تنافس إقليمي على أفغانستان.. «CIARAW MI6».. تعيد التموضع

خسرت واشنطن قواعدها في أفغانستان التي ظلت لـ20 عاماً مركزاً محورياً لعملياتها العسكرية والاستخباراتية لمحاربة «طالبان» والقاعدة آنذاك، إلى جانب حصولها على كل متطلباتها الأمنية من دول جوار أفغانستان لمراقبة تحركات الجماعات الإرهابية. وعليه فإن إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان نقل المواجهة إلى حرب استخباراتية استخباراتية من جديد لمنع أفغانستان من التحول مرة أخرى إلى ملاذ آمن لأي قوى إرهابية رغم وعود حركة طالبان.خصوصاً أن أفغانستان ما بعد الانسحاب الأمريكي وسيطرة طالبان أضحت بيئة جيوإستراتيجية واستخباراتية مختلفة ومغايرة تماماً لما كانت عليه قبل الانسحاب، من حيث جمع المعلومات الاستخباراتية والتعامل مع العملاء المحليين والقيام ببعض المهمات والأعمال القتالية بشرياً أو عن طريق الطائرات المسيرة. ومن المؤكد أن وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» (CIA) ستواجه تحديات جديدة في رصد ما يجري داخل أفغانستان، وتقييم حجم المخاطر التي يمكن أن تهدد المصالح الأمريكية من هناك. بالمقابل فإن القوى الاستخباراتية لدول الجوار مثل الاستخبارات الهندية RAW والاستخبارات الروسية KGB أو الاستخبارات البريطانية MI6 التي كانت تتحصل على معلوماتها من السي اي ايه، إلا أن ذلك لم يعد متاحاً؛ حيث استعادت هذه القوة نشاطها بقوة وفاعلية أكثر بعد الخروج الأمريكي لتأمين وضمان سير العمليات الاستخباراتية المستقبلية بشكل فردي أو من خلال الاتفاق مع بعضها البعض لتشكيل تحالفات استخباراتية وأمنية تنطلق منها مهمات عسكرية واستخباراتية على ضوء فراغ القوة الناتج عن الانسحاب الأمريكي والحصول على أكبر قدر من المعلومات لتقييم الموقف بعد سيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان، خاصة مع عدم قدرة الجيش الأفغاني على إعادة تنظيم نفسه وضعف أجهزة استخبارات طالبان من ناحية التقنية الاستخباراتية والافتقار للتقييمات الأمنية العالمية. وعقد كل من رئيسي الاستخبارات الروسي والبريطاني أخيراً اجتماعات مكثفة في نيودلهي مع مستشار الأمن القومي اجيت دوفال وقادة الاستخبارات الهندية للتعامل مع التهديدات الأمنية لمرحلة ما بعد سيطرة طالبان واحتمالات إعادة تموضع القاعدة وداعش داخل أفغانستان.. وعقد وليام بيونز رئيس السي اي ايه اجتماعات مع نظرائه الهنود بعد تبادل المعلومات الاستخباراتية.. ويلخص دوغ لندن المدير السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في «سي آي إيه» التحديات القادمة قائلا «إن الانسحاب الأمريكي وانهيار حكومة كابول حرما واشنطن من فرصة الإمساك بإرهابيين وجمع المعلومات والاطلاع على خطط العمليات الإرهابية. لقد خلق الانسحاب الأمريكي فراغاً في القوة تتنافس عدد من القوى الإقليمية الطامحة على ملئه». ويشكك كثيرون في قدرات وكالة الاستخبارات في دول الجوار في تقييم الموقف ما لم يكن لهم حضور قوي داخل أفغانستان على غرار الوجود الأمريكي على الأرض الذي لم ينجح رغم هذا التواجد في التنبؤ بانهيار سلطة غني وهو الأمر الذي يرى مراقبون أمريكيون أنه أكبر فشل استخباراتي لأمريكا في التاريخ.. وتقليديا، تعتمد الاستخبارات والقوات المسلحة على بعضهما بعضا في مناطق النزاعات والحروب. ويوفر الجيش الحماية التي تسمح لوكالات الاستخبارات بالعمل بحرية أكبر، في حين تقدم الاستخبارات معلومات حيوية ضرورية للتخطيط ولإدارة وتنفيذ العمليات العسكرية. وبحكم تغير مهمات الاستخبارات في مرحلة ما بعد حكم طالبان، تسعى وكالة الاستخبارات لتحقيق 3 مهمات أساسية: التجسس لجمع المعلومات الاستخبارية، وتحليل المعلومات، والقيام بعمليات سرية. ونجحت السي اي ايه بأفغانستان في الثمانينات في واحدة من أشهر عملياتها الناجحة في ثمانينات القرن الماضي، عندما سلحت المجاهدين الأفغان، وهو ما ساعدهم على طرد الجيش السوفياتي. وعلى مدى الـ20 عاماً الأخيرة، انتشر عناصر وكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان حتى ١٥ أغسطس الماضي حيث تغيرات قواعد اللعبة جذرياً.