واليوم، يحرص اللاعبون الدوليون والإقليميون لاستقطاع كعكة من أفغانستان بدرء الانخراط العسكري المباشر في المعترك الأفغاني ويباشرون دبلوماسيتهم الرمادية عبر التنسيق الحذر غير المباشر والمباشر غير المعلن مع طالبان بشأن مستقبل العلاقات خلال المرحلة المقبلة، بمنأى عن ضجيج الدبلوماسية ولهيب الإعلام، بغية مواجهة التهديدات القادمة من أفغانستان، وإرساء السلام فى أرجائها، حتى لا تتسلل أصداء اضطراباتها إلى دول الجوار الإقليمي. ويرجح خبراء فرضية الرهان الصيني، إذ لا تتوانى بكين المدركة لمخططات واشنطن الهادفة لمحاصرتها عن تنويع خياراتها في أفغانستان. ولم تتورع باكستان المتطلعة إلى الاستعانة بطالبان أفغانستان فى تأمين عمق إستراتيجى ضد التهديدات الهندية المنبعثة من استخدام دلهي لأفغانستان كنقطة انطلاق لزعزعة استقرار باكستان من خلال تمويل وتسليح الجماعات الانفصالية البلوشية وبعض فصائل «طالبان» الباكستانية، عن مساعدة حركة «طالبان» البشتونية، وفتح الباب أمام استثمار تقاربها مع الصين لكبح جماح الدور الهندي المتنامي في أفغانستان والإقليم برمته. في المقابل، تخشى دلهي أن تصبح أفغانستان تحت حكم «طالبان» شريكا لباكستان في استخدام الجماعات الإرهابية كرأس حربة ضدها، ونتيجة التحولات الإستراتيجية ظهرت دبلوماسية الباكستان بقوة في وضح النهار. ومن المؤكد، حسب مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أن تفضي هيمنة طالبان على السلطة بأفغانستان إلى تعاظم مخاوف الهند بشأن الإرهاب العابر للحدود. وببالغ قلق، ترقب الهند شراكة الصين الراسخة مع باكستان، التى تتمتع بصلات وثيقة مع «طالبان»، بما يعزز فرص ونفوذ الصين فى أفغانستان. بيد أن الأمور تبقى مرتهنة بفرص تحقق السلام والاستقرار في أفغانستان، والتزام «طالبان» بتعهداتها المتعلقة بالنأي بنفسها عن مخططات الحركات بمنطقة «شينجيانغ» المضطربة داخل الصين.