معاريف – بقلم: تل شليف، واللا! “تفرغ رئيس الوزراء نفتالي بينيت أمس من جملة المشاكل الأمنية والصحية والاقتصادية. وبعد ثلاثة أشهر من ترسيم حكومة التغيير، منح مقابلات لوسائل الإعلام طلب فيها من الجمهور محاكمة حكومته وفقاً لأعمالها وليس وفقاً لتشكيلتها.
“غير قليل من الناس، ولا سيما من الجانب الأكثر يمينية في الخريطة، خاب أملهم من شكل إقامة الحكومة ومن تشكيلة الحكومة”، قال. “آمل وأتوقع وأطلب أن يأتوا مع رأس مفتوح وأن يحاكموني وحكومتي وفقاً لأعمالنا عملياً. قطعنا شوطاً طويلاً. في السنة الماضية، في الوقت ذاته، كان هناك إغلاق. نكافح ألا يحصل إغلاق – ولا يوجد. أجزنا الميزانية بعد ثلاث سنوات ونصف بدون ميزانية. أقمنا حكومة مستقرة. وأمس، عدت من مصر فيما كان علم إسرائيل منصوباً بشكل رسمي هناك. نصلح الكثير من الأمور، وثمة اتجاه جيد لدولة إسرائيل.
“كان البديل الذهاب إلى انتخابات خامسة، ولكنا الآن على مسافة أسبوعين من الانتخابات، في فوضى رهيبة وإغلاق وكراهية. أشعر بأننا أنقذنا الدولة. وقلت لعائلتي إن الكثير من الناس سيغضبون على البابا – وهم غاضبون، ولكني راض عن القرار”.
وضع ناخبوك بطاقاتهم في صندوق الاقتراع لشخص تعهد بألا يجلس مع “راعم” في حكومة يمين. هل تشعر بالندم؟
“ثمة أناس نزيهون مستعدون يوماً بعد يوم لإعطاء فرصة، ويرون أن شيئاً ما هنا أفضل مما اعتقدوا. بهدوء تام، نحقق إنجازاً تلو آخر: ميزانية استثنائية، وإعادة بناء العلاقات مع الأردن ومصر. ومع مرور الزمن، يفهم الكثير من الناس أن ليس صحيحاً الجلوس جانباً للانتقاد، بل الانضمام التقدم نحو الخطوة.
إذا نظرنا إلى المئة يوم الأخيرة، فهناك إصابات كورونا مرتفعة، وتأجيل لإخلاء الخان الأحمر، ونار مستمرة على “سديروت”. فبمَ تختلفون عن الحكومة السابقة؟
“الإغلاقات كانت تخيم على الاستراتيجية السابقة، أما استراتيجيتنا فهي دولة مفتوحة إلى جانب كورونا، مع كثير من الأعمال لقمع الوباء. استراتيجيتنا أصعب بكثير. أختار أن أدير هذا بشكل شخصي، كل صباح أعقد جلسة لفحص الوضع، نتخذ القرارات وننفذ. لا نعرف ما يحمله المستقبل. سنواصل العمل”.
إذا استمرت أعداد الإصابات والوفيات في الارتفاع، فهل ستتحملون المسؤولية بسبب اتخاذكم استراتيجية مغلوطة؟
“أراجع نفسي من جديد كل يوم. تأتي معطيات ونجري تغييرات، أصدرت تعليماتي لزيادة الفحوصات. بالتأكيد هناك موتى بسبب الوباء، والأغلبية الساحقة من الموتى والمرضى هم أناس اختاروا ألا يتطعموا. وحرِصنا على وجود مخزون من اللقاحات للحاضر وللمستقبل”.
ألا يزال الكثير من الناس في إسرائيل بغير تطعيم؟
“ستة ملايين تلقوا الجرعتين”، نصفهم تطعموا بالجرعة الثالثة. من لم يُطعّم للمرة الثالثة يعتقد أنه محمي، ولكنه ليس محمياً. مئة في المئة من نزلاء المستشفى في وضع صعب في المستشفيات تحت سن 40 هم غير مطعمين”.
ماذا لديك لتقوله لمعارضي التطعيمات؟
“هذا يمزق القلب. نحن نتحدث عن الكثير من الشبان الذين يكافحون مرضاً صعباً جداً. هذا زائد. ثمة حق في هذه اللحظة حصري لمواطني إسرائيل. أقررنا الحقنة الثالثة، بل وجلبنا اللقاحات. ما عليك سوى مد كتفك للتطعيم كي تحافظ على نفسك. لا تصدقوا الأنباء الملفقة، هذا أمر قاتل”.
ما البشرى إزاء غزة؟ ماذا تقول لسكان “سديروت” بعد أن أعلنت بأن “حكمها كحكم تل أبيب”؟
“هذه الجملة سارية المفعول بالفعل. فقد خرجت إسرائيل إلى حملة “حارس الأسوار” قبل أربعة أشهر. أطلقت حماس في ذاك الوقت الصواريخ على القدس وتل أبيب، ووصلنا إلى الوضع ذاته تماماً. لم يتغير شيء. بالعكس، السنوار يرى نفسه درع القدس. حماس منظمة رسمت على علمها جهاداً لا يتوقف ضد إسرائيل. عليّ النظر إلى مصلحتنا: وقف تام لنار الصواريخ وإطلاق البالونات وجلب الأبناء إلى الديار. وأخذ وزير الدفاع على عاتقه مهمة تحقيق التسوية والتهدئة. لا أسارع إلى المواجهة. وإذا نجح هذا، ممتاز.
“في الماضي، لم نرد على الصواريخ، أما الآن فنهاجم غزة ونؤلمها بسبب بالون واحد. لا نحتوي أي شيء. مسؤوليتي للسكان، ونحن مدينون وملزمون بجلب الأمن”.
لو عاد الزمن ببينيت لسنة أو سنتين إلى الوراء، ماذا سيقول عن حالة موت المقاتل برئيل شموئيلي على حدود قطاع غزة؟ ألم يكن ليطلق الاتهامات ذاتها؟
“قبل كل شيء، من المهم أن نقول بالشكل الأكثر وضوحاً: برئيل لم يقتل، فقد سقط في معركة يقاتل فيها كمقاتل بينما كان يحرس الحدود. هذا هو معنى الكلمة ببساطة. شاب خاص حقاً. كل الجمهور تعرف على شخصية مقاتل صهيوني، محب للدولة، كان في معهد عسكري تمهيدي، وبالأساس مقاتل، وليس ما تحاول بعض الجهات السياسية الخارجية تصويره.
“أتقبل كل حالات الانتقاد مع عائلته بشكل كامل. لا ألوم من ثكل ابنه. أطلب المغفرة من الأهل. هذا أمر رهيب ومخيف أن يفقد المرء ابنه. من سن 18 وأنا أقاتل العدو كجندي في سرية في لبنان أمام “حزب الله”. كنت هناك، فقدت رفاقاً، وبينهم رفيقي الأفضل. هذا أمر رهيب وفظيع وليس لدي إلا أن أعزز كل العائلات الثكلى، وجنود الجيش وقادته. ينبغي حمايتهم، وعلينا ألا نسيّس الحالة على حساب الجنود”.
لأول مرة تقوم حكومة على أساس حزب يبدو أنه لن يؤيد أي حملة عسكرية. والتشكيلة تقيد قدرة الرد لدى الحكومة، كيف ترى ذلك؟
“قطعاً، ليس صحيحاً. كل قرار أمني لن يتخذ إلا على أساس اعتبارات أمنية. لن ندخل السياسة وقت الاعتبار أمني. سنفعل ما ينبغي، ونرى بعد ذلك ما يتعلق بالجوانب السياسية”.
هل تحدثت مع منصور عباس عن التعقيدات التي قد تكون في العلاقات الأمنية؟
“كل تركيز منصور عباس مدني – اقتصادي، وأعتقد أنه اتخذ خطوة مؤثرة جداً جديدة وشجاعة في أن يقود خطاً آخر، ليس قومياً متطرفاً. بيننا قاسم مشترك جد كبير. أنظر إلى ما يعانيه النقب جراء الإهمال. الكل يتضرر. البدو وعموم الجمهور الإسرائيلي أيضاً. لكن الفكرة مختلفة في حكومتي، إذ لبا نكنس المشاكل تحت البساط بل نعالجها، سواء ما تعلق بأسعار السكن، أو تجاه غزة، أو إيران”.
وصفت عباس و”راعم” بـ “مؤيدي الإرهاب”. ما الذي تغير؟
“سلفي في المنصب هو من شق هذا الطريق، وأقام علاقات مع منصور عباس من تحت الطاولة. عندما أفعل شيئاً لا أخجل منه. التقيته ورأيت أنه بحق يريد مساعدة المواطنين. وكان البديل حينذاك انتخابات خامسة.
“بالإجمال، امتلكنا حكومة متنوعة، والمفاجأة أنها نجحت. والجديد وجود جيل جديد من القيادة الجماعية وليس القيادة الفردية. قيادة مشتركة، مع نية طيبة، ليس فقط في داخل الدولة، بل في الولايات المتحدة أيضاً، ومع الأردن ومصر. لا أقول إنه لا توجد خلافات، ولكننا نتجادل كالبشر”.
ماذا اكتشفت فيما أن ما يرى من هنا لا يرى من هناك؟
“عندما تكون في هذه الغرفة، وينزل عليك ثقل الوزن بصفتك رئيس الوزراء، ستفهم بأنه المنصب الأهم في العالم… مسؤوليتك عن وجود الدولة اليهودية في بلاد إسرائيل، وستلقى عليك مسؤولية الازدهار والنجاح. تأتي نقياً، ترى ما هو صحيح لإسرائيل فقط، ولا يهمك كيف ستُرى أو تُسمع شعبياً إلى هذا الحد أو ذاك”.
عندما تدخل إلى الغرفة لأول مرة مع رئيس الولايات المتحدة في البيت الأبيض ومع الرئيس المصري في شرم الشيخ، وكلاهما يقولان لك إنهما يؤيدان حل الدولتين، وأنت -كما هو معروف- لستَ مؤيداً لهذا الحل، كيف تجسر الهوة؟
“هذا بالضبط هو السؤال الصحيح. إنك تقول الأمور كما هي تماماً. أجتهد للتصرف مع شركائي في الحكومة: بيني غانتس ويئير لبيد، وبالتأكيد مع رجال اليسار. أعارض الدولة الفلسطينية. أعتقد أن إقامة دولة فلسطينية في يهودا والسامرة مصيبة، وهو أمر سيجلب الصواريخ والأنفاق إلى “كفار سابا” وتل أبيب. ثمة خلاف، وهذا حسن. أقول الأمور كما هي، بما في ذلك للرئيس الأمريكي، ويُستقبل هذا بشكل جيد عندما يكون صادقاً.
“وهاك مثال كلاسيكي: إسرائيل تكاد تكون في قطيعة مطلقة مع الأردن في السنوات الأخيرة لأسباب سياسة تافهة. دفعت إسرائيل ثمناً باهظاً. فقدنا “نهرايم” و”تسوفر” [الغمر والباقورة] بسبب إفساد العلاقات. أجلس مع الملك الأردني ونصلح العلاقات. هذه مصلحة إسرائيلية. علم إسرائيل ينصب في مصر. وهذا إصرار على المصلحة الإسرائيلية”.
تقول إنه لن تكون هناك مسيرة سياسية ولا ضم. من جهة أخرى، يلتقي وزير الدفاع بمحمود عباس لأول مرة، ويطلق وزير الخارجية خطة سياسية… إذن هناك مسيرة سياسية.
“ما يحدث هو تقدم في المجال التجاري والاقتصادي. الكل يعي بأن لا توجد مسيرة سياسية نحو دولة فلسطينية. هذا غير ذي صلة على الإطلاق. ولا يعني هذا أنه لا يجب عمل شيء، بل العكس؛ فثمة مجال يمكن التقدم فيه وتقليص حجم النزاع والاحتكاك. فكري هو تجاري واقتصادي. لماذا يضطر عامل من نابلس لأن ينهض في الثالثة أو الرابعة فجراً كي يصل إلى عمله في تل أبيب في السابعة؟ ماذا أكسب من هذا؟ إذا وسعنا المعابر، يمكنهم أن ينهضوا في السادسة صباحاً، وبهذا نكون غيرنا الحياة لمئة ألف فلسطيني. هذا يغير أكثر من حفلات الكوكتيل في كل الدول”.
في مكتبتك الكثير من كتب رؤساء الوزراء. وهناك كاتب واحد غابت عنك كتبه– نتنياهو. هل يوجد سبب لذلك؟ ألم يكن عمل نتنياهو الأيديولوجي جديراً بأن يكون نجماً هنا إلى جانب عمل أرئيل شارون مثلاً؟ وبصفته رئيساً للمعارضة، لم يلتقِ نتنياهو معك في لقاء اطلاع سياسي. هل يزعجك هذا؟ أتراه سليماً في نظرك؟
“الكرة عنده. أقول له – متى تأتني أكن مسروراً لاطلاعك؛ ولكنني أنشغل بما هو آت ولا أنظر إلى الخلف. هناك أمور جيدة فعلها سلفي، وهناك أمور أقل جودة. السنتان الأخيرتان كانتا طبيعيتين. كان هناك استعباد تام للدولة لأغراض سياسية. أختار ما هو جيد للمواصلة، وأصلح ما أفسد”.
هل تدحض الادعاء القائل بأن هذه الحكومة لن يطول عمرها؟
“الحكومة قابلة للعيش مع شركاء طيبين. وسنجتاز الميزانية قريباً، وقريباً سيكون الهدوء. إرثنا، الأرض اليهودية، هو أرض الخلافات بمجرد الخلافات. إذا عرفنا كيف نتجادل من أجل الدولة ونبقي السياسة الصغيرة خارجاً، سأكون متفائلاً جداً لمستقبل الدولة. أعتزم تنفيذ التعهد بالتناوب بالكامل. بالنسبة ليئير لبيد، هو صديق، إنسان نزيه، ويقوم بعمل استثنائي كوزير خارجية”.