«لا تقرأ هذه الرسالة بعينيك، فعيناك سريعة النسيان، أنا وأنت في سباق مع الزمن، والزمن لا يرحم».. الحب على طريقة أفلام الأبيض والأسود، يظهر في كلمات تُعبر عما بجوف الحبيب والصديق لُمحبيه ويسطُرها في ورقة تُصبح كلماتها هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن هذا الحب، فيما يُسمى بـ الجوابات أو «مراسيل الهوى».
منذ سنوات طويلة كانت وسيلة المُحبين والأصدقاء والأهل للتواصل مع مُحبيهم والتعبير عما بجوفهم، هي الرسائل الورقية، فحين قراءتها كانت تظهر الابتسامة على شفاهم مُعلنة وصول رسائلهم لذلك القلب المُنتظر لحظة الاطمئنان.. ومن هنا أعادت فتاة تبلغ الـ 20 من عمرها بمحافظة الأقصر، رسم الإبتسامة على شفاة المُحبين والأصدقاء والأهل مرة أخرى، حيث صممت الجوابات أو «مراسيل الهوى» مرة أخرى بعد انقطاعها منذ سنوات طويلة، لتكون وسيلة قديمة جديدة تخترق عالم الإنترنت السريع للتعبير عن الشوق والمحبة بين الأشخاص.
بابا شجعني وحبي للأفلام القديمة حفزني
«ياسمين حجاج»، الفتاة العشرينية، حصلت على الثانوية الصناعية، لكن عدم استكمالها للدراسة لم يوقفها عن مُسايرة العصر والبحث عن فكرة متميزة يجتمع من حولها الأشخاص، وتكون مشروعًا لكسب الرزق، لذا كانت تبحث بشكل دائم عن أفكار تُساعدها على تنفيذ مشروع لها، لافتة، إلى أنه بسبب عشقها الدائم للأفلام القديمة منذ نعومة أظافرها، جاءتها فكرة إعادة تصميم جوابات ومراسيل الهوى الورقية، والبدء في تنفيذها ومن ثم بيعها مرة أخرى، لتكون أول فتاة تعمل على إعادة إحياء هذه الخطابات مرة أخرى بين الأشخاص.
«كنت بحب الجوابات جدًا من بدري، وأنا مغرمة بالأفلام القديمة التي حفزتني أبدأ، وتشجيع بابا ليا خلاني أبدأ انفذ الفكرة»، هكذا أوضحت «ياسمين»، كيفية بداية تنفيذها للخطابات الورقية وإعادة إحيائها وبيعها للأشخاص، مع تأكدها من بحث الكثير من الأشخاص عن تلك الخطابات وإعادة إرسالها كهدايا تذكارية، مؤكدة على دعم والدها الدائم لها، فهو كذلك مثلها يعشق الأفلام القديمة، لذا لم يكن من الصعب عليها التفكير في هذه الفكرة.
من عصر الـ واتس آب إلى العودة للزمن القديم
«ياسمين» توضح بداية تنفيذ مشروع المراسيل الورقية وتقول: «بدأت في تنفيذ المشروع في سن الـ 19، وتحديدًا في شهر سبتمبر من سنة 2019، وبالفعل كونت جروبا من أصدقاء لي على موقع التواصل الاجتماعي واتس اب، ليكون نقطة البداية».
أضافت أنه مع الوقت ارتفع عدد الزبائن من الأصدقاء والمعارف واستمرت في الإبداع وخلق الأفكار الجديدة، بل وتأكدت أن المراسيل الورقية تتضمن بعض العبارات الرائعة من اختيار الشخص نفسه أو اختيارها هي، من أفضل الهدايا التي يُمكن أن تُقدم من شخص لآخر سواء حبيب أو أخ أو صديق، لذا قررت استكمال هذه الفكرة وتنفيذها بسعر 5 جنيهات فقط لا غير، وهي عبارة عن صندوق صغير من البلاستيك يضم ظرفا مع رسالتين فارغتين يُدون بهما الشخص ما يريد.
كلمات «مراسل الهوى» من الأفلام القديمة والمهرجانات
كلمات وعبارات الغزل والمحبة والشوق لم تكن أزمة بالنسبة لـ «ياسمين»، فضمت العبارات التي قامت بتدوينها على «جوابات الهوى» عبارات متنوعة تضمنت بعض كلمات الأغاني التراثية وكذلك الأغاني الشعبية الحالية وأغاني المهرجانات، كما ضمت حسب قولها عبارات من أغاني الأفلام وأخرى من الأغاني القديمة مثل أغاني كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، فضلًا عن بعض المصطلحات الشعبية المتداولة وسط الشباب في العصر الحالي.
وتوضح «ياسمين»، بعض العبارات المدونة على جوابات مراسيل الهوى، ومنها «عيناها فيروس كورونا وقلبي صيني لا يتحمل»، «بقلبي لو بيننا ألف مسافة»، «ومهما أحب فأنت الأحبُ»، «عانقني وقل لي أننا سنكون بخير»، «قد تعاهدنا على السير معاً»، «خُد من عمري..عمري كله إلا ثواني أشوفك فيها».
مواهب أخرى لـ صاحبة فكرة مراسيل الهوى
تُشير «ياسمين»، إلى امتلاكها مواهب أخرى في تنفيذ الإكسسوارات بالخرز، وكذلك اللوحات باستخدام ال، والتي بدأت بها في الثانوية الصناعية، حيث كانت تدرس في قسم الخياطة والتطريز على القماش، لذا قررت تنمية تلك الفكرة بتكوين «طارات مطرزة»، يُمكن استعمالها في المناسبات السعيدة مثل الخطوبة والزفاف وأعياد الميلاد وكذلك كتب الكتاب.
وتوضح «صاحبة فكرة مراسيل الهوى» تكوين الطارات، بأنها عبارة عن قطعة من الخشب بعدة أشكال «البيضاوي وشكل القلب، والدائري والمضلع»، يعلوها قطعة من القماش المُطرز بعبارات رائعة، حتى أنها أصبحت تمتلك «ماركة» خاصة بها تضم صندوقا يتكون من «الطارات والكابات ومنديل كتب الكتاب، وتابلوهات خشبية، وبراويز»، لتُصبح أول فتاة في الصعيد تنفذ هذه الفكرة التي تضم جميع تلك القطع مع بعضها البعض.