صدر مؤخراً كتاب “تقسيم فلسطين، من الثورة الكبرى ١٩٣٧ – ١٩٣٩ إلى النكبة ١٩٤٧ – ١٩٤٩” للمؤرخ المقدسي وليد الخالدي الذي يتوقف فيه عند تسلل أعداد كبيرة من المهاجرين اليهود لفلسطين في ظل الاستعمار البريطاني وبدعم أمريكي خاصة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، فيما كانت الصهيونية العالمية قبل ذلك تحاول إخفاء ملامح مشروعها الاستعماري بل تنكر نيتها إقامة دولة لليهود على حساب الشعب الفلسطيني.
ويتناول الكتاب الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية إنكار المنظمة الصهيونية العالمية التي أسست في بازل في سويسرا، تأسيس دولة يهودية على أنقاض الشعب الفلسطيني حتى بعد قيام النظام الانتدابي الاحتلالي (١٩٢٢).
ويبحث في تغوّل الوجود اليهودي نتيجة الهجرة الجماعية ليهود أوروبا الشرقية والوسطى في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، بحماية الحراب البريطانية وبفضل الأموال اليهودية الأمريكية، حيث قفزت نسبة اليهود في فلسطين من 6% سنة 1917 إلى 30% سنة 1936، فاشتد عضدهم واستأسدوا وعظمت ثقتهم بأنفسهم فأسفروا عن نياتهم الحقيقية وغدوا يطالبون جهاراً بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، يكون للأولى المساحة الأكبر فينطلقوا منها للاستيلاء على الدولة العربية الجارة.
ويوضح الكتاب أن كل من لندن وواشنطن أيدتا هذا الهدف تلبية لمطامع استعمارية بريطانية، ولاعتبارات البيت الأبيض الانتخابية. ووفقا للكتاب، ورغم أن ثيودور هيرتزل الصحافي النمساوي مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة وضع كتاباً في اللغة الألمانية سنة 1896 بعنوان “دولة اليهود” فقد ظلت المنظمة الصهيونية العالمية التي أسسها سنة 1897 في مدينة بازل في سويسرا، حتى بعد أن تبنّتها بريطانيا، كبرى الدول الاستعمارية الغربية، في وعد بلفور (1917)، وحتى بعد قيام النظام الانتدابي الاحتلالي (1922) ظلت تُنكر كذباً وتدليساً وتمويهاً، أن غايتها ـ تأسيس دولة يهودية على أنقاض الشعب الفلسطيني حتى بدأ المشروع يتحقق على الأرض بدعم بريطانيا والولايات المتحدة.
وجاء في موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت في هذه المناسبة أنها تنشر هذا الكتاب في هذا الزمن الرديء لتذكير أصحاب الحل والربط في بعض الحواضر العربية بهذه الخلفية التاريخية، ولتنبيه الرأي العام العربي إلى هول ما يقرر اليوم في “صفعة القرن” من الزيف والعدوان تحت ستار ما يسمى “التطبيع” و”الإبراهيمية” الوهمية المختلقة من أساسها.
ووليد الخالدي، مؤرخ مقدسي من مواليد سنة 1925، تخرج من جامعتي لندن وأكسفورد، وعمل أستاذاً في جامعة أكسفورد والجامعة الأمريكية (بيروت) وجامعة هارفرد، وأستاذاً باحثاً في جامعة برنستون، وأستاذاً باحثاً في جامعة هارفرد. ساهم الخالدي في تأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية، والجمعية العلمية الملكية (عمّان)، وجمعية التعاون الفلسطينية، ومركز التفاهم الإسلامي المسيحي (جامعة جورج تاون)، وجمعية أصدقاء المكتبة الخالدية في ماساشوستس.
والخالدي عضو منتخب في أكاديمية العلوم والفنون الأمريكية، وله العديد من المؤلفات بالعربية والإنكليزية في القضية الفلسطينية والشؤون الدولية. حاز الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة بيرزيت، وهو الرئيس الفخري لمجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت.