| أطفال الصعيد في السيدة زينب بحثا عن الرزق: «محمود العربي قدوتنا»

حرموا من طفولتهم لكي يصنعوا من أنفسهم رجالا، يتسارع بداخلهم الطموح وتحمل المسؤولية منذ الصغر، علي يقين أن الرجل يصنع نفسه منذ أن يولد، لذلك تجد كلا منهم يشق طريقه، مستقلا بذاته، وصنعوا من أنفسهم قصة كفاح.

أولهم مصطفى السيد، البالغ من عمره 13 عاما، أسيوطي الأصل، ترك التعليم في سن مبكرة، ليتجه إلى العمل الحر برفقة والده، ويتحدى بذلك ظروف الفقر، فجاءا إلى القاهرة معا، وعمل في بيع الأحزمة والمحافظ الجلد، لاعتماده علي رأس مال بسيط.

رفض الطفل الاستقلال بذاته

وقبل أن يستقل الطفل بذاته، عرض عليه والده العمل معه، لكنه رفض، كما روى لـ«»: «أبويا قالي هنشتغل مع بعض قلت له لا عايز يبقالي شغل لوحدي، واستلفت منه 500 جنيه عشان اشتري بيهم بضاعة، وكل ما كنت أبيع كنت بسدد له الدين جزء بجزء، أنا بيطلع لي 50 جنيه في اليوم، فبقيت كل يوم أكسب 50 جنيه اديها لأبويا لحد ما سددت كل اللي عليا».

وعن قضاء يومه، يحكي «مصطفى»: «بشتغل من الساعة 8 الصبح لحد 1 بالليل، أنا في الشغلانة دي بقالي شهرين، من ساعة ما جيت من أسيوط متعود أصحى الصبح أحط بضاعتي علي كتفي وأنزل ألف بيها في الشارع وببيع وأكسب، وسددت الدين اللي عليا، ودلوقتي مشروعي كبر وبجيب بضاعة بـ5000 جنيه».

مصطفى: هرجع المدرسة تاني بعد ما أجمع المصاريف

وأكد صاحب الـ13 عاما، أنه ترك المدرسة في الصف الرابع الابتدائي: «سبت المدرسة عشان اشتغل وأساعد أبويا في المصاريف، بس هرجع تاني لما أجمع مبلغ عشان أصرف على تعليمي، وبرضه هفضل أشتغل، بس بعد اليوم الدراسي ما يخلص بعد الساعة 2، أنا نفسي أكمل وأدخل كلية هندسة».

أما مصطفى محمد، 16 عاما، جاء من محافظة أسيوط، يقول: «كنت شغال مع والدي في ليبيا، بس رجعنا أسيوط بدون أي جنيه»، ليتجه مع صديقه محمد علي، الذي يساويه في العمر، ويقطن أيضا بالمحافظة ذاتها، إلى القاهرة، ليعملا معا في بيع المحافظ والأدوات الشخصية.

تقابل الثلاث أطفال معًا، في منطقة السيدة زينب بالقاهرة، لتجمعهم نفس المهنة، وأيضا اتخاذهم شخصية محمود العربي رجل الأعمال الراحل كقدوة، بحسب ما قالوا، ما جعلهم أصدقاء، ولطالما تعمقوا في المهنة واكتسبوا «صحبة» من نفس البلدة التي أتوا منها، لتتكون مجموعة أطفال الصعيد التي تبحث عن كسب الرزق أينما وجد.