تشدو ليلى نظمى بالأغنية الشعبية الشهيرة فيلتف حول صوتها جميع المدعوين، البعض يصفق والآخر يتراقص على أنغام «يا منجد علِّى المرتبة»، بينما يجلس «الأسطى محمد» مبتسماً ويده لا تتوقف عن العمل، يتابع بعينيه مظاهر الفرحة بيوم التنجيد الذى كان طقساً متعارفاً عليه فى الأفراح قديماً.
الآن تبدّل حال محمد عبدربه جوهر، من مدينة المحلة الكبرى التابعة لمحافظة الغربية، أصبح وحيداً بمحله الصغير الكائن فى منطقة أبودراع، يجلس فيه منتظراً زبوناً جاء ليطلب إعادة تجديد مرتبته القديمة، أما العرائس فتخلين عن يوم التنجيد ولجأن إلى المراتب الإسفنجية كبديل أسرع وأقل تكلفة.
«فرحة زمان مابقتش موجودة، يوم التنجيد ده كان يوم فرحة وبيترتب له زى يوم الفرح والحنة، وأهل العروسة بيعزموا الناس وكان بيطلع لنا فلوس كويسة، دلوقتى مفيش أى حاجة من دى»، يقارن «عبدربه» بين الماضى والحاضر، مؤكداً أن الزمن لم يعد زمنه، وأن عمله أصبح مقتصراً على التجديد فقط، إذ اقتصرت تجهيزات العُرس على شراء مراتب إسفنجية.
يعتقد الكثيرون بحسب «عبدربه» أن المرتبة الإسفنج أقل تكلفة من تلك المصنوعة من القطن، لكن الحقيقة أنها أكثر تكلفة مقارنة بعمرها القصير: «المرتبة القطن بتعيش العمر كله، وبعد سنين ممكن تنجدها تانى وترجع زى الجديدة، لكن المرتبة الإسفنج لها تاريخ صلاحية وفى أى وقت ممكن تهبط وهتضطر تشترى جديد». لم يفكر الرجل الذى قضى نحو 35 عاماً فى هذه المهنة أن يتخلى عنها أو يطوّر من عمله ليواكب العصر الحديث: «ماقدرش أسيبها، ويمكن الزمن يرجع تانى ويرجّع للمهنة قيمتها، أنا شغال فى كل الأحوال، وبلاقى الزبون اللى بيحب القديم، ومعايا عمال لو ربنا كرمنا بفرح بنطلع مع بعض، ولو مفيش باشتغل لوحدى، وأهى ماشية».
الأسطى «محمد» ومساعده