لا أعلم تفصيلاً، ما الذي حَفَّز رهطٌ في غزة، على التلاقي لبحث ما يمكن عمله بعد تحرير فلسطين، تبعاً لوعد الآخرة، اي بعد انقضاء مدة الإفساد الثاني، حسب سورة الإسراء؟
في تفسيرات “الإسراء” لا شيء يمكن أن تفعله غزة مع سائر المؤمنين، بعد تصفية الإفساد الأخير. ولا خطط يحتاجها المؤمنون، لأن زمن الحياة الدنيا لن يمتد بعد أن يتحقق الوعد. فرب العالمين هو الذي وضع الخطة ونفذها وهو الذي تكفل بجعل جهنم للكافرين حصيراً. بعد ذلك، وعلى الفور، يصل الخلق الى خاتمة تجاربهم الدنيوية. وما قوله تعالى :”وإن عدتم عدنا” إلا جملة من نوع الترهيب ـ حسب المفسرين ـ إذ ليس هناك إفساد ثالث ولا فرص لجولات أخرى!
إن كان هذا ما يُقال في حديث الدين؛ فإن سؤال الدنيا هو: ماذا نفعل قبل تحرير فلسطين وقبل أن يُلبى وعد الأخرة؟ هل نخوض في سياقات الدروشة وترف الكلام، كأنما المبتغى هو صرف الأذهان والأبصار عن عوراتنا الراهنة؟! فلماذا لا يعاين الرهط سلوك القائمين على الأمر، ويختبر مدى تقواهم؟ وهل تمتد أعمار الرهط، الى يوم الآخرة، لكي يتاح لهم التقدم بخطط العمل بعد التحرير، على اعتبار أن هؤلاء، ينوبون الى الأبد، عن أمة المسلمين، ولن يجدوا عند الأبد، من هم أكثر ذكاء وعلماً؟!
يعجب المرء كيف تنشأ مثل هذه الأفكار الخارقة للزمان، بينما نحن في مربع الإبتلاءات المتقاطعة: ابتلاؤنا بأنفسنا فوق ابتلائنا بمن جاءوا لفيفاً وعَلوا عُلواً كبيراً. فماذا عن علو الرهط نفسه، أو أوهام علوِّه، على الرغم من بؤس شعبه وانكفاء أمته؟
من بين أشراط الساعة، في الإسلام، كثرة الهرج، حتى لا يدري القاتل لماذا قَتَل، ولا يدري القتيل فيمَ قُتل، ولا يدري القائل ماذا يقول، ولا يقبض السامع حرفاً من القائل، ناهيك عن ظهور موت الفجأة، وتقارب الزمان حتى تصير السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم واليوم كالساعة والساعة كحرق السعفة!
فكم سنة مرت كشهر، وكم شهر مر كيوم، وكم يوم مر كساعة، وكم ساعة مرت كحرق السعفة، وما زلنا على حال الإنقسام،، وعلى بطالة العاطلين عن العمل، وعلى وعود لا تُلبى بالنصر المؤزر أو بالرشاد،، وعلى تطيير انطباعات التقوى التي لا تتبعها طبائع؟!
في علم النفس، تندرج هذه الدروشة، في خانة النزعة إلى الإشباع النفسي البديل، وهذا عارض مرضي، يصيب الحيارى والمأزومين. ففي هذا الإشباع يُصار الى تخليق المشاهد وترتيبها صورة صورة، ثم تغليفها لكي يراها الناظرون أشبه برحله مباركة إلى عالم الروح.
المصابون يفتحون على أنفسهم أبواب السُخرية والتقريع واتهامات بالكذب والإتجار بالدين، ولن يكون في مقدورهؤلاء، جمع الناس في ساحة عامة، لصلاة استسقاء، إن لم يعقبها غيث، يعقبها وعد.
الحال جفاف. بل جفاف شحّت فيه الروح الكريمة الوثابة الى عمل الخير والتزام العدالة والتواضع والزهد الجميل، مع إنكار كل دواعي الوحدة والبنيان المرصوص.
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0