عبرت أوساط أمنية إسرائيلية عن قلقها من وقوع زلزال مميت جدًا، قد يتسبب بوقوع قتلى وخسائر كبيرة.
تلك المخاوف جاءت بالتزامن مع وقوع زلزال في هايتي بلغت شدته 7.2 درجات على مقياس ريختر.
وأشارت تلك الأوساط إلى أن وقوع العديد من الزلازل في السنوات الأخيرة يتطلب من إسرائيل طرح عدة أسئلة، بما في ذلك لماذا وأين تحدث الزلازل؟ ومدى تعرض إسرائيل لمثل هذه الكارثة؟ وما الذي يمكن عمله قبل وقوع هذا الحدث لتقليل الضرر؟ وكيف يجب أن تستعد لفترة ما بعد الزلزال؟ ومدى توقعها مساعدة دولية، ومستوى الضرر الذي قد يلحق بحصانة إسرائيل عقب مثل هذا الحدث الخطير؟
أريئيل هايمان، الباحث الزائر بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، ذكر في موقع “نيوز ون”، في مقال ترجمته “عربي21” أن “هناك معلومات جيولوجية كافية تسمح بأن نقرر على وجه اليقين أن زلزالًا مدمرًا سيحدث في إسرائيل، وقد يكون الضرر كبيرًا جداً، سواء في الأرواح أو الممتلكات، رغم أنه ليس لدى العلماء ما يكفي من المعرفة لتحديد متى سيحدث هذا، لأن عدد الزلازل التي تحدث في العالم كل يوم كبير جدًا”.
مع العلم أن الاستعراض التاريخي للأراضي الفلسطينية يشير إلى أنها تشهد كثيرا من الزلازل، أولها في 1927 حيث تضررت القدس وأريحا والرملة وطبريا ونابلس بشدة، وقتل 500 شخص، وفي القدس وحدها قُتل 130 شخصًا، وأصيب 450، وانهار 300 مبنى أو أصيب بأضرار بالغة، ولو كانت الأرض مأهولة بالسكان كما هي اليوم، فإن الأضرار التي ستلحق ستكون عشرات الأضعاف.
يذكر هايمان أن “سيناريو خطيرا تم تقديمه للجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست في 2016 مفاده أن 7 آلاف شخص سيقتلون، و8600 سيصابون بجروح خطيرة، و37 ألفا بإصابات طفيفة، وسيدمر 28600 مبنى، ويتضرر 290 ألف مبنى بشكل طفيف، وسيخلى 170 ألفا من منازلهم على المدى الطويل، ويحتمل بشدة أن تدخل إسرائيل في كارثة مستمرة، وستنهار المباني في عشرات البلدات المحلية، ولن تتمكن وحدات الإنقاذ، مهما كانت مدربة من التعامل معها”.
ذات التقرير الإسرائيلي يتحدث عن إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية الحيوية مثل الطرق والكهرباء والمياه والاتصالات، ولن تتمكن المستشفيات، إذا لم تنهر من تلقاء نفسها، من تقديم الرعاية المناسبة للعديد من الضحايا، ولن تقدر الأنظمة الحكومية على استيعاب مجموعة من الأحداث الصعبة، ولن تكون معالجة الإصابات والأضرار والسيطرة عليها كافية حتى تختفي، وسيؤدي مثل هذا الحدث إلى تحد كبير في حصانة إسرائيل، ومناعتها”.
تعني هذه المعطيات أن إسرائيل ستكون أمام تهديد طبيعي، مع احتمالات كبيرة للضرر والقتل، أكثر بكثير من المنسوب إلى التهديدات الأخرى التي مرت بها إسرائيل، أو يتوقع أن تواجهها، بما في ذلك جائحة كورونا، أو اندلاع مواجهة ضد إيران، وإن كان من المستحيل منع أو تأجيل الزلزال المتوقع، مما قد يتطلب الاستعداد لتقليل أضراره بشكل كبير، ومع ذلك فإن إسرائيل لا تشارك بشكل كافٍ في الاستعدادات المطلوبة لهذا التهديد الخطير.
يمكن الحديث عن جملة من الأمثلة على الوضع الكئيب الذي تعيشه إسرائيل، ومنها أن الهيئة الرسمية المسؤولة عن معالجة وإعداد الزلازل في إسرائيل هي اللجنة الوزارية المعنية، ويرأسها وزير الحرب، وآخر مرة التقت فيها كانت في 2014، وصحيح أن إسرائيل لديها نظام أمني قوي، وغني بالميزانيات والهيئات، لكن لا يوجد سوى موظفان اثنان فيها، وهما مدير اللجنة التوجيهية لمواجهة الزلازل، ومساعده، المسؤولان عن الاستعداد لها.
وهناك معاهد البحث والمسح الجيولوجي، والجامعات، وقيادة الجبهة الداخلية، وهيئة الطوارئ الوطنية، لكنها تركز على مجالات متنوعة، وليس لديها مسؤولية عامة عن التأهب للزلازل، والعديد من المباني القديمة لا تفي بمعايير البناء الخاصة بالزلازل، ولا توجد هيئة مسؤولة عن إدارة استعداد الدولة للكوارث الجماعية، بما فيها الزلازل، والخلاصة أن حدوث زلزال مدمر في إسرائيل ليس مسألة ما إذا كان سيقع، بل متى، مما تحول لتهديد يزيد في خطورته على التهديدات الأمنية.