“هارتس” : وضع عباس بائس.. وجيل جديد قادم لا يؤمن بالتسوية

قال كاتبان إسرائيليان؛ إن الفعل العسكري في غزة، سيقود لتقويض نهائي للسلطة ومكانة محمود عباس، ما سيدفع لجيل جديد لا يؤمن بالتسوية مع “إسرائيل”.

ولفت شاؤول إريئيلي وأرنون رغولر، في مقالهما في صحيفة هآرتس العبرية، إلى أن غياب المبادرات الأمريكية، سيدفع صوب ما أسمياه “النزاع الديني”، تماما كما يريد المتطرفون مثل سموتريتش وبن غبير .

وقال الكاتبان؛ إن “سياسة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو تجاه حماس وم.ت.ف، مثلما تم التعبير عنها في الحرب الأخيرة، يمكن أن تعطي حماس الأولوية لتمثيل الشعب الفلسطيني، بالضبط مثلما أن عملية الكرامة في الأردن في شهر آذار من العام 1968 أعطت م.ت.ف الأولوية لتمثيل الفلسطينيين، فعرفات نجح في استغلال فشل إسرائيل في عملية الكرامة من أجل القيام بعملية إزاحة للملك حسين من مكانته كممثل للفلسطينيين في الضفة الغربية، والحال كذلك مع حماس، فهي استغلت حالة الإرباك في القدس من أجل زيادة نفوذها في الضفة وفي أوساط جزء من فلسطينيي إسرائيل، وكذا إزاحة فتح عن مكانتها الأولى في م.ت.ف، الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني”.

وقالا؛ إن الدبلوماسي والصحفي الأمريكي غلوفيس مقصود كتب في 1997 بأنه في أعقاب عملية الكرامة، “تحولت م.ت.ف بالنسبة للعرب إلى تجسد الأمل الذي عاد ينبض.. الشعوب العربية.. وضعت في أيدي م.ت.ف أمر وضع السياسات، وخلق الزعامات وبلورة استراتيجيات للنضال الجديد”.

ولفتا إلى أن حماس تم تأسيسها على يد الإخوان المسلمين في قطاع غزة، برئاسة الشيخ أحمد ياسين عند اندلاع الانتفاضة الأولى، بعد أن راكموا قوة في الثمانينيات.
 

وحتى العام 2006 – يكمل الكاتبان- أدارت حماس حربا ضروسا ضد إسرائيل واتفاقات أوسلو، “قرار حماس بعد انفصال إسرائيل عن غزة في 2005، أخذ دوره في الصراع السياسي على قيادة الشعب الفلسطيني عن طريق المشاركة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في 2006، التي كانت خطوة لها أهمية، فرئيس حماس، إسماعيل هنية، شرح الأمر كما يلي: حماس غير معنية بسيطرة محلية، بل هي معنية بخلق تغيير تاريخي كبير.. يتمثل بتوجيه الجهود للدخول إلى حكومة السلطة الفلسطينية وخلق م.ت.ف جديدة. أي إن حماس ارادت أن تأخذ مكانة م.ت.ف باعتبارها الممثلة الشرعية للشعب الفلسطيني”.

وقال الكاتبان؛ إن السنوار قال في 2017: “نحن كشعب ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني، ولا يمكننا التنازل عن سلاحنا. سلاحنا يجب أن يكون تحت مظلة وطنية شاملة يشارك فيها جميع الفلسطينيين، وهذه المظلة هي م.ت.ف”. السنوار اعترف بما لا يعترف به معظم وزراء حكومة إسرائيل، وهو أن م.ت.ف، رغم ضعفها، هي المنبر الأفضل لحماس من أجل اختراق حدود غزة نحو الضفة”، على حد تعبيرهما.

وقالا: “في الواجهة، تبين أن عباس هو الشخص الأكثر عزلة في الشرق الأوسط. معزول في السياق العربي العام؛ لأنه لم يتحدث مع الزعماء العرب من أجل تنسيق المواقف حول الأزمة الحالية؛ معزول في منظمته، فتح، التي انقسمت بسببه إلى ثلاثة معسكرات (من يؤيدونه وقائمة القدوة – البرغوثي ومن يؤيدون محمد دحلان)، اثنين منهما بدءا بالعمل معا على استبداله قبل الانتخابات، وبصورة أقوى في أعقاب إلغائها.

كما أكدا أن وضعه في م.ت.ف “بائس؛ فحلفاؤه هم ست منظمات صغيرة وعديمة الحضور الجماهيري، أربعة تنظيمات أخرى في م.ت.ف، التي لها حضور في الشارع الفلسطيني، انضمت لمعارضيه أو تبنت مواقف حماس”.

في السنة الماضية، فقد عباس أيضا رمزين من رموز م.ت.ف في العالم، السكرتير العام في م.ت.ف، صائب عريقات الذي توفي، وحنان عشراوي التي استقالت بصورة استعراضية بسبب سلوكه الديكتاتوري.

عباس في الحقيقة يحظى بشرعية مؤسساتية لكونه رئيس م.ت.ف، لكنه فقد الشرعية التي تستند إلى انتخابات؛ لأنه انتخب مرة واحدة ووحيدة في 2005.

ولفت الكاتبان إلى أن “اتفاق فتح مع حماس في أيلول الماضي على إنشاء مجلس وطني فلسطيني جديد يحل محل الذي تسيطر عليه فتح منذ 1968، هو التهديد الأكبر لعباس وفتح، ففي المجلس الوطني الجديد يوجد 350 عضوا؛ 132 منهم هم أعضاء المجلس التشريعي الذين كان يمكن أن ينتخبوا في الانتخابات التي تم إلغاؤها، وحماس، حتى قبل الأحداث الأخيرة كانت تتوقع أن تكون الحزب الأكبر في المجلس التشريعي الجديد، وأن تفوز، حسب الاستطلاعات، بـ 50 – 60 مقعدا، التي تشكل 15 في المئة من المجلس الوطني الجديد.

وأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني الآخرون، يمكن أن ينتخبوا بصورة لم يتم تحديدها بعد من أوساط الجاليات التي توجد خارج المناطق، والتي في الغالب تؤيد مواقف معارضي عباس والمرشحين المستقلين.

أما فتح، فكان يتوقع أن تتحول إلى أقلية صغيرة. ولكن التهديد لعباس وفتح لا يقتصر على حماس فقط. القصة الفلسطينية الساخنة أكثر في الوقت الحالي هي “القوائم المستقلة”، وهم شباب متحمسون، لهم نزعة عسكرية، كانوا هم النواة الصلبة للمتظاهرين في شرقي القدس المحتلة وداخل “إسرائيل” وفي الضفة في الشهر الماضي.

والحديث يدور عن نشطاء في الشبكات الاجتماعية لديهم مئات آلاف المتابعين. هؤلاء يتوقع أن يشكلوا كفة الميزان في أي برلمان أو مجلس وطني في المستقبل.
 

وختم الكاتبان بالقول؛ إن “إسرائيل برئاسة نتنياهو تستطيع القول بأنه لا يوجد شريك فلسطيني لاتفاق دائم، مع تجاهل أنها هي نفسها التي خلقت هذا الواقع، ففي ظل غياب مبادرة لإدارة بايدن الذي يتمسك بسياسة النعامة، فإن النزاع سيأخذ طابعا دينيا، بالضبط مثلما يريد المتطرفون مثل بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غبير وآخرين، حرب ضروس، إما نحن وإما هم، إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة ومصر، ما زال يمكنهم وقف هذه العملية إذا اتبعت سياسة معاكسة تتمثل في تعزيز م.ت.ف وإضعاف حماس”.