عند الحُلكة يأتي الليل ،و عند المأساة نصدر ألحان الإبتسامات ، وعند التحايل و الكذب على الوعي نعلم أنها السياسة … إنها من تلابيب القدر على الحياة في أسؤها أو في أبهاها ، إنه التصارع القائم بين الأضداد ، إنها المأساة الانسانية مع ابتكار لغة السخرية اتجاه الواقع المؤلم الذي يسود النظام السياسي العربي و ارهاصاته وتناقضاته .. إنها محاولة صد هذه الملهاة ..!
فشل النظام السياسي العربي القائم بالبلاد العربية الشقيقة ، على أن يكون له مكاناً تحت الشمس
. تتعدد دائماً مراوح التحليل والقراءة العميقة .. لكننا نريد لهم الخير وأن يتبوأوا مكاناً بين الأمم لاسيما وأننا. نمتلك كل شيء من مقومات الحياة ،بالإضافة إلى القوة البشرية الهائلة ..والعقل الراشد الواعي
إن الأمر يتلخص تماما بما تتحفنا به فعل السياسية بالبلاد العربية من جنون الحروب الأهلية التي أكلت الأخضر واليابس ، لهذا إعتاد الأجنبي إثارة النزاعات الطائفية والرقص على أنغام إستمالة حزب على ٱخر ونهب خيرات الأمة والتغني بحقوق الإنسان وهم ينتهكون الإنسان ويكتمون إنفاسه ، كما حدث مع ( جون فلويد ) الأمريكي من جذور أفريقية ، إنقطعت أنفاسه ، لكن الأقليات تنفست الحرية والبحث عن حقوقها
أليس غريباً أن يتطرق الرئيس الأمريكي جون بايدن عن حقوق الإنسان ويذكر الناشطة السعودية والمطالبة بالإفراج عنها ، في حين هم من ينتهكون حقوق الإنسان ؟!!!
إما ٱن الأوان أن نعي خطورة تقاسم السلطة و النفوذ و المصالح التبادلية لتظل نفس الأدبيات و المسلكيات المنهجية في العمل ؟!!!
المتأمل في المشهد السياسي العربي يجد أن الأخبار ؛ على مدار كل ساعة ؛ تحمل مشاهد مروعة ، وصور دموية فظيعة لعمليات قصف وهدم ، و طلعات جوية ؛ تنتهي بقصف مناطق آهلة بالسكان ؛ سرعان ما تتحول إلى أثر بعد عين .. بين فينة وأخرى ، قتلى وجرحى بالعشرات بين أطفال ونساء وشيوخ يفرون ؛ وسط ألسنة النيران وأعمدة الدخان ؛ من جحيم الموت الأسود في اتجاه المجهول ، وقد كانوا ؛ بالأمس القريب ؛ ينعمون بالأمن والسلام ، والدفء بين ذويهم حتى جاءهم بلاغ خراب ديارهم وأوطانهم وتمزيق شعوبهم
لكن في مقابل هذه الصور والمشاهد ، نرى صوراً من الحياة المتحضرة الجميلة في الشطر الغربي من هذا العالم حكومات تحتفي بتطبيق القانون واحترامه والسهر على حياة شعوبهم وتطبيق دساتير متحضرة أنبل ما جاءت به دساتير القرن الواحد والعشرين 21 في منح الحرية الشخصية لأي مواطن وحرية التعبير
ما زال حادث 11 سبتمبر يلقي بتداعياته على الإنسان العربي ؛ ضمن مراميه وأبعاده ؛ بمزيد من الحروب الكارثية وزعزعة الاستقرار في أنحاء كبيرة من جغرافية الوطن العربي ، بدءا ببلاد العراق والشام ومرورا واليمن ، وانتهاء بأقطار في شمال إفريقيا كليبيا…
والآن صار واضحاً أن يتساءل المواطن العربي عن أهداف ( الربيع العربي ) ، وعن خلاياه الداخلية التي عملت على تفجيره في شكل مظاهرات شعبية هادرة وناقمة في وجه السلطات والأنظمة العربية الحاكمة ؟ لكن نظرة فاحصة إلى فصول الأحداث التي أعقبته ؛ والتي كان من أهم ملامحها الفوضى العارمة ، والصراع على السلطة
كل هذه المشاهد ماثلة العيان ، هم نفس اللاعبون يُعاود إنتاجهم و إن تمخضت السياسية و الساسة ، إنه التقليد المتوارث في عدم تغيير الوقائع … إنّ اقتراب موعد الإنتخابات المفضل لدى الساسة المبجلين ، تكثر فرص الحوار مع الجماهير ، والتركيز على المعاناة ، وما أن تنتهي الزفة كل يذهب إلى حال سبيله
ومن إرهاصات الربيع العربي ، انها جاءت بإيعاز من المطبخ الأمريكي وأحد تجلياتها أنها احدثت ؛ تغييرًا في الأنظمة من الداخل، الهدف منها شرق أوسط جديد، والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بإحداث فوضى وانهاك للدول والشعوب على حد سواء.وتقسيمها إلى دويلات ( تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ ) ، فمعظم الدول التي شهدت الربيع العربي، باتت في صراع داخلي تنوع بين الطائفي والقبلي والسياسي، وهنا تداعت إلى الأذهان، بل الواقع نظرية (الفوضى الخلاقه) تلك النظرية التي اطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة(كونداليزا رايس) ثم تم تداولها على نطاق واسع في اعقاب الحرب على العراق عام 2003، حيث رأت الإدارة الأمريكية آنذاك أن (الشرق الاوسط الجديد) الذي تحلم به يمكن أن يولد من رحم تلك الحرب.
نتمنى ان تكون قد استفادت من الأحداث التي مرت بها لاسيما وأن الربيع العربي احد تجلياته الخراب والدمار والحروق الأهلية ومن حيث كونها اوصلت الجميع إلى حالة عدم الاستقرار
وفي الحقيقة ، بقيت القضية الفلسطينية الهمّ الأول والمحور الأساس- المركزي لنَبَض الأمَّة والشارع العربي لأكثر من خمسة عقود ، إذ كان يُرفَع شِعار التحرير والمُطالبة بإنهاء الاحتلال الشباب الفلسطيني والعربي الذين تطوعوا في قوافل متتالية من كل أرجاء الوطن العربي ، حيث كانت تنتشر المسيرات والمظاهرات من المحيط إلى الخليج عند كل إعتداء صهيوني غاشِم،على شعبنا
أنه الزمن الجميل الذي كان ، أنه شعور التضامُن والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى تصدّر القضية الوطنية الفلسطينية في سُلَّم أولويات الشعوب، ماثلاً للعيان وما شهدته الأجيال من ثورة شباب الجامعات ، من رفع العَلَم الفلسطيني، بالإضافة إلى انتشار الأغاني والأناشيد الثورية الوطنية التي تُمَجِّد كِفاح الشعب الفلسطيني ومسيرته النِضالية.
من يتإمل المشهد على الساحة العربية يلحظ أن موجة التغيير التي اجتاحت العالم العربي في عام 2011 والمُسمَّاة (بالربيع العربي) ويستنبط تراجع حضور القضية الفلسطينية واختفت الشعارات المُعادية لـللكيان الغاصب في الاحتجاجات الشعبية، وأصبح برنامج الحكومات برنامج ينسجم مع السياسة الأمريكية والصهيونية التي أعقبت الربيع العربي والتي بدورها انتهجت خطاً معتدلاً وكان التطبيع الصامت يسير بسرعة الرياح ، واستمر تدفق يسير أو قَطْع العلاقات بينها وبين الكيان الغاصب . بل للأسف شهدنا تعزيزاً وتوطيداً لعلاقاتٍ مُعلَنة مِن قِبَل مُعارضين سوريين، وذلك من خلال توجيه رسائل سواء من رؤساء عرب أو من رجال دين، لطمأنة الكيان الغاصب من آثارٍ وتداعياتٍ مُحتمَلة نتيجةً للتغييرات
لقد غرق العرب في وحل السياسة الأمريكية البشعة ، التي سعت دائماً إلى خلق أنظمة مؤيدة مؤيدة لها ، وأصبحت تطبق تلك السياسات بحذافيرها ، ولم تكتف بذلك بل حطمت النسيج العربي وأصبح العرب فرقاً. شتى ، وأصبح الفكر التحرري لزعيم الأمة جمال عبد الناصر والثورة الفلسطينية من أمجاد الماضي ويبقى السؤال :
متي يفيق النظام السياسي العربي من سباته ؟ والى متي سيظل التيه العربي مستمراً في صحراء السياسة