يبدو أن خلية البويضة من جهة، والحيوانات المنوية من جهة أخرى، خاضا منافسة قوية جدا، حيث تسببت الموارد المحدودة بوجود اختلافات كبيرة بين أحجام الأمشاج وعددها.
تمتلك معظم الحيوانات على وجه الأرض خلايا البويضات أكبر بكثير من خلايا الحيوانات المنوية، على سبيل المثال، لدى البشر، يبلغ حجم البويضة الواحدة 10 ملايين ضعف حجم خلية الحيوانات المنوية، وهو فارق كبير جدا حير العلماء على مدى عقود.
تتبع الأمشاج إلى حالتها الأولى المبكرة
ولحل هذه الأحجية، تتبع فريق علمي في جامعة نورث وسترن (Northwestern Engineering)، الحالة البدائية التي كانت فيها جميع الأمشاج (خلية جنسية أحادية) بنفس الحجم تقريبا، والتي يطلق عليها العلماء اسم “isogamy”.
في تلك المرحلة، لم تكن الأجناس المميزة موجودة بعد، حيث طور الفريق نموذجا رياضيًا بسيطا لإظهار كيفية تحول الأمشاج من حالة “isogamy” إلى حالة “anisogamy”، أي بشكل أوضح، حالة التحول التي أصبحت فيها الأمشاج إما صغيرة جدا أو كبيرة جدا.
باستخدام النمذجة الرياضية، وجد الباحثون وقتا مبكرا جدا في حالات التطور عندما تكاثرت الأنواع البدائية باستخدام الإخصاب الخارجي. حيث قدمت الخلايا التناسلية الأكبر أو الأمشاج الأكبر، ميزة تنافسية لأنها يمكن أن تحتوي على المزيد من العناصر الغذائية للزيجوت (البويضة المخصبة) المحتمل. ومع ذلك، تتطلب الأمشاج الأصغر موارد أقل لصنعها، مما يضع ضغطًا أقل على الوالدين.
“سباق تسلح” على المؤن والموارد
وفي دراسة جديدة، وجد باحثو أن المنافسة والانتقاء الطبيعي قادا هذا التناقض الغريب في الحجم، قال أستاذ العلوم الهندسية والرياضيات التطبيقية في كلية ماكورميك للهندسة وكبير مؤلفي الدراسة، دانييل أبرامز: “كانت الكائنات الحية إما بحاجة إلى إنتاج أكبر الأمشاج بأكبر قدر من المؤن أو أصغر الأمشاج لاستخدام أقل الموارد”.
ويتابع الباحث: “نعتقد أن هذا الاختلاف في الحجم كان أمرا لا مفر منه تقريبا، بناء على افتراضات معقولة حول كيفية عمل التكاثر الجنسي وكيف يعمل الانتقاء الطبيعي”.
وظهر خلال عملية النمذجة المنشورة في مجلة “Theoretical Biology” وجود تباين لدى الأزواج ومنافسه للبقاء في بيئة ذات موارد محدودة. حيث كان من المرجح أن تبقى الأمشاج على قيد الحياة إذا كان لديها ميزة تتفوق فيها في الحجم على الأخريات، مما أدى إلى “سباق تسلح” لصالح الأمشاج الأكبر والأكبر.
لكن من جهة أخرى، لا تستطيع الكائنات الحية إنتاج العديد من الخلايا الجنسية دون الحاجة إلى المزيد والمزيد من الموارد، لكن يمكنهم الحفاظ على مواردهم من خلال إنتاج الكثير من الأمشاج الصغيرة أيضا.
لغز وحيد يحاول العلماء حله
قال أبرامز في تصريحات نقلتها مجلة “scitechdaily” العلمية: “في وقت مبكر من التطور عندما ظهر التكاثر الجنسي، كانت الأمشاج متماثلة. ولكن هذا هو المكان والزمان الذي ينكسر فيه هذا التناظر، وانتهى بنا المطاف ببعض الكائنات الحية المتخصصة في الأمشاج الكبيرة والبعض الآخر متخصص في الأمشاج الصغيرة”.
ويضيف أبرامز: “إن اللغز الوحيد المتبقي هو سبب استمرار وجود بعض الأنواع المتشابهة حتى يومنا هذا. بعض أنواع الطحالب والفطريات، على سبيل المثال، تتكاثر إما لاجنسيا أو بأنواع تزاوج متناظرة”.