يخرج من بيته إلى عمله في صباح كل يوم متمسكا بحمله الذي قضى في سبيل تحقيقه سنوات طويلة من عمره، رحلة طويلة مع الدراسات العليا انتهت به لأن يصبح باحثا في مرحلة الدكتوراه ولكنه لم يحصل على فرصة عمل في مجاله بعد، ليستقر به الحال كسائق توصيل طلبات إلى المنازل «ديلفري».
يدرس نهاراً ويعمل ليلاً
محمد عمر، شاب في الثلاثين من العمر، من أبناء حي عين شمس بالقاهرة، زوج وأب، خريج كلية الخدمة الاجتماعية بترتيب ثان على دفعته، وأمام صعوبة الحصول على وظيفة ترضي شغفه أبى أن يستسلم للفراغ، واشترى دراجة بخارية «موتوسيكل» قبل أعوام ليعمل سائق «ديلفري»: «خدت ماجستير في الخدمة الاجتماعية سنة 2018 ودلوقتي بدرس بمرحلة الدكتوراه في جامعة الفيوم».
بثبات تام يحكم «محمد» قبضته على محركات «الموتسيكل» يطوف به شوارع منطقة مصر الجديدة ونطاقها، بحثًا عن عنوان «اشتغلت حاجات كتير آخرها دليفري في محل مشهور في نطاق مصر الجديدة، دورت كتير على وظيفة تناسب شهادتي والماجستير اللي معايا ملقتش وكان لازم أشتغل واصرف على بيتي» يقول الأب الثلاثيني وباحث الدكتوراه بصوت خافت.
مشوار «شقى» انتهت بنجاح
لم يكن التحدي سهلاً يوماً على «محمد»، فمنذ الوهلة الأولى لقراره بإستكمال دراسته ما بعد الجامعية، والاعتماد على نفسه، أدرك أنه أمام طريق طويل عليه أن يشقه بمفرده، «كنت بشتغل شيفتين ورا بعض عشان الفلوس وحولت فترة شغلي كله بليل عشان أقدر أحضر المحاضرات الصبح»، ورغم متاعب مهنته يستكمل دراسة الدكتوراه ويقتسم وقته بين العمل والجامعة «هاخد الدكتوراه بإذن الله مش هيأس إني ألاقي شغل يناسب طموحي».
وهن «محمد»، رغم اعتياده على التعب، أمام وفاة والده العام الماضي ومن قبله وفاة مولودته الثانية بعد يومين من ولادتها، إلا أنه تحدى ظروف حياته، وحصد جوائز عدة في الشعر العامي الذي يهواه، كورقة رابحة تهون من شقاءه قليلا «حصلت على مراكز أولى وثانية في مسابقات الإدارة العامة للشباب بمحافظة القاهرة في شعر الفصحى والعامية أكتر من مرة منذ 2014 حتى العام الماضي».
الزبائن بتتعجب من حكايتي
نظرات دهشة واستغراب كانت تبدو على الزبائن فور معرفة حكاية «محمد»، طالب الدكتوراه «أول ما حد يعرف حكايتي يستغرب بس الشغل مش عيب المهم أوصل لحلمي»، لكنه سرعان ما تعايش مع نظرات الدهشة إلا أنه لا يطيق نظرات يرمقه بها البعض «أصعب حاجة في الشغلانة هي النظرة الدونية من بعض الناس لمندوبي التوصيل وكأن كل اللي بيشتغل في المهنة دي متسول».
«حلم الوظيفة»
يتمنى محمد أن يحقق حلمه ويحصل على فرصة عمل تناسب مجال دراسته «أنا زي شباب كتير ملقتش فرصة تناسبها ونحتت في الصخر عشان تنجح، وأنا منهم وهكمل لحد ما أخد الدكتوراه مش هيأس».