هآرتس – بقلم: جدعون ليفي “عندما يرفع أيمن عودة يده يصدم كل من يدعون الصلاح، عندما يرفع يده يتحد شعب إسرائيل، وعندما يرفع عودة يده تهدر المدافع ويصمت الضمير. رفع عودة يده، وهذا أمر غير جميل، بل مخيف. إنّ “رفع يده” أمر مبالغ فيه قليلاً – عودة دفع. فقد دفع ايتمار بن غبير، وهو رجل النضال غير العنيف الذي يدعو للسلام بروحية المهاتما غاندي. عودة دفع لأن بن غبير هدد بالدخول إلى غرفة الشخص المحتضر المضرب عن الطعام منذ تسعين يوماً، الذي يعالج في مستشفى “كابلان” في “رحوفوت”.
دافع عودة بجسده عن مقداد القواسمي، المعتقل بدون محاكمة والذي يناضل بشجاعة وتضحية لا مثيل لها لنيل حريته وحقوقه. القواسمي محارب حرية أكثر بكثير من كل من يدعون الصلاح، الذين صدموا من رفع يد عودة. الصدمة شملت الجميع. صديق المحكمة، بن غبير، قدم شكوى. ليس شخص مثله، الشخص الذي يسقط البسطات في الخليل، سيمر مرور الكرام على عمل عنيف. ولكن الصدمة وصلت في هذه المرة إلى الأماكن الراديكالية لليسار اليهودي.
رئيس “ميرتس”، الحزب الذي صبغ نفسه بالأخضر وشعاره الحديث هو “الأكثر اجتماعية والأكثر بيئية” صدم بدرجة لا تقل عن غبير. زعيم الخضر الجدد لم يكن باستطاعته ضبط نفسه واستيعاب دفعة عودة. لقد ضبط نفسه واستوعب هجمات المستوطنين الوحشية ضد الرعاة الفلسطينيين والمذابح التي تشن ضد قاطفي الزيتون، وضبط نفسه على قتل المتظاهرين قرب بؤرة “أفيتار” الاستيطانية، وعلى التصفيات والقصف في سوريا، لكن دفعة عودة لم ألهبت نفس نيتسان هوروفيتس ولم يعد بإمكانه ضبط النفس. هناك حدود لكمية العنف التي يمكنه احتمالها. ومثلما قال زعيم اليساريين الإسرائيليين: “رفع اليد هذا أمر لم يخطر بالبال… كانوا في السابق يبعدون أعضاء كنيست عن أمور كهذه لفترة طويلة”.
هوروفيتس المنضبط اكتفى بإبعاد عودة بشكل مؤقت. الصحافي باروخ قره كان أكثر حدة: عودة إلى السجن. قره، المثير للانطباع والذي هو دائماً “تقريباً على حق”، انفجر: “عودة تجاوز حدود لا تغتفر. يجب طرده من كنيست إسرائيل على الفور، ويجب رفع حصانته وتقديمه للمحاكمة بسبب الهجوم”. يطرد ويقدم للمحاكمة، أثبت ضمير “قناة 13” مرة أخرى أن الصحافيين في إسرائيل لا يصمتون إزاء المظالم!
ما حدث في كابلان لم يبق في كابلان، هو ملخص القصة الكبيرة في بضع دقائق. في غرفته ينام معتقل فلسطيني، هو الضحية، الفضيحة والعنف الحقيقي هي سجنه بدون محاكمة. والجميع صامتون عن هذا، من بن غبير وحتى هوروفيتس. عودة، وليس هوروفيتس، يمثل بقايا الضمير في الكنيست، هو يحاول أن يدافع بجسده عن الشخص المحتضر. يصرخ عليه بن غبير: “أنت ضيف هنا”، ضيف في المستشفى، لكن أيضاً ضيف في وطنه. فقد عودة هدوءه ودفع بن غبير. لو كنت مكان عودة لتصرفت مثله بالضبط.
ما الذي تثور حوله الفضيحة؟ حول النتيجة. لا حول اعتقال القواسمي، المسمى بالطبع “إرهابياً” في كل مكان، دون أن يدان بشيء؛ ليس حول بن غبير الذي يحاول أن يقتحم غرفته من أجل استفزاز شخص يوشك على الموت، وليس حول الاعتقالات الإدارية. الفضيحة هي عودة، الفلسطيني الإسرائيلي الذي تجرأ على رفع يده ورفع رأسه. لقد عارض بجسده المحتل. من الآن بات عودة أيضاً إرهابياً. قريباً سيأتي الاعتقال الإداري.
مثلما بخصوص الإرهاب الفلسطيني، تأتي الصدمة الإسرائيلية من النتيجة دائماً، القبيحة والمحتمة، لا من السبب. لا يحق للفلسطينيين معارضة ما يفعله اليهود بهم منذ مئة سنة، وليس أمامهم خيار آخر. إسرائيل تدفعهم نحو اليأس ومن هناك نحو العنف. بعد ذلك، كم من السهل الثرثرة باللسان والقول: يا للهول، عنف، فلسطيني طبعاً.