كومة قش أمام أحد المساجد كانت فراشه الأول، تركت أثرها في نفسه قبل جسده طيلة 22 سنة قضى منها عامين في كنف أول الخارجين من المسجد، و20 سنة في دار أيتام.
«كلام الناس» أنهى عامين قضاهما الرضيع في كنف محمد رشاد، القاطن بأحد عزب أبو كبير بالشرقية، يحنو عليه ويعامله معاملة ابنه، إلى أن وصل بقاءه في كنفه إلى طريق مسدود، فتوجه به إلى قسم الشرطة وسلم الطفل ليتم إيداعه إحدى دور الأيتام، حتى أصبح الرضيع رجلا بعمر 22 عاما، وأصبح هم «طارق منصور» الشاغل البحث عن أهله.
قسم الشرطة كان بداية الطريق لـ«طارق» للبحث عن أهله، فهناك أخبروه أن رجلا اسمه محمد رشاد، أحد سكان عزبة عرف الديك بمنطقة أبو كبير في محافظة الشرقية، هو من أتى به إلى القسم منذ 20 سنة، فتوجه إليه. وهناك قابله رشاد بحنو الأب من جديد وبعينين ملؤهما الألم والحسرة حكى له كيف وجده وكيف أسموه «طارق» تيمنا باسم رئيس المباحث و«خلوا الاسم مركب، وبعتوني لدار أيتام العاشر من رمضان».
لم يذهب «رشاد» مرة واحدة، لزيارة «طارق» بحجة أنه لم يعرف مكان دار الأيتام التي ذهب إليها، إلا أنه بعد لقائه به أصبح يتواصل معه يوميا عبر الهاتف ويطمئن على عمله بأحد المعارض التي يتقاضى منها راتبا قدره 1500 جنيه، «أنا عايش في شقة إيجار في منطقة الزراعة بالزقازيق في محافظة الشرقية».
يراود «طارق» الشك، بأن والدته تعلم كل شيء عنه، وفقدته بقصد منها، وترفض التواصل معه: «هي أكيد كانت بتابعني، في السنتين اللي كنت فيهم عند عمي رشاد، وعارفة شكلي لحد لما روحت الملجأ، ونشرت صوري على النت، ومع ذلك مسألتش عليا ولا جات تزورني، أنا مش عايز غير إن أعرفها، وتقولي على اسم أبويا ولو حتى في السر».
راود «طارق» الأمل من جديد بزيارة من رجل من قرية مجاورة لأبو كبير ادعى أنه والده وأنه تزوج أمه في السر وعندما انفصلا تخلصت منه، ليتوصل طارق معه في النهاية إلى تحليل إثبات النسب الذي يأمل «طارق» أن يوصله إلى شيء.