| مسن يشكو من الفقر وجحود الأبناء بعد «أيام العز»: بتحايل عليهم يزوروني

لم يعد له ونيس سوى الذكريات، في غرفته البسيطة بمنطقة العمرانية في الجيزة، التي يجلس داخلها لساعات طويلة، بعد أن فقد كل شيء من حياته السابقة؛ أبنائه الذين هجروه، وعمله، وحتى قدمه اليمنى التي بترت، بعد تعرضها لغرغرينا، ليجلس على كرسي متحرك، ينتظر أي طارق، دون أن يأتي، ليتغلب على وحدته القاتلة، بالعودة إلى الوراء، عندما كانت حياته لها معنى، لكن اليوم كل ما يرجوه هو رؤية أبنائه الثلاثة الذين تمكن الجحود من قلوبهم.

أيام العز.. ورشة وشغل في الخليج

قبل 16 عاما، كان محمد حسني، 61 عامًا، يعيش حياة هانئة، تملاؤها الزوجة وأبنائه الثلاثة، بينما عمله في النجارة يشغل معظم فترات يومه، «كنت شغال نجار في ورشة طول حياتي، وسافرت دول كتير منهم السعودية والعراق»، هكذا يتذكر «أيام العز» قبل أن ينتهي كل شيء، وفق حديثه لـ«».

بدأ الأمر بعد أن طلق زوجته، وأم أولاده، لكنه ظل بارا بهم يسعى على رزقهم، ويعمل على إسعادهم، «كل حاجة راحت لأولادي، جوزتهم وعلمتهم، ودلوقتي بتحايل عليهم أشوفهم، لدرجة إني بقول لبنتي الكبيرة بالله عليكي عاوز أشوفك».

جحود الأبناء.. «معدش معايا فلوس أديهالهم»

إعاقة العجوز الستيني، كانت سببا في ترك مصدر رزقه، وبالتالي لم يعد لديه أموالا يطمع فيها الأبناء، ليهجروه، في الوقت الذي هو في أمس الحاجة لوجودهم بجواره، بعد أن تمكن منه المرض منذ عامين، ومنذ وقتها وهم يرفضون رؤيته: «لما كانوا بيجوا عندي الورشة كنت بديهم فلوس، دلوقتي مابقتش أشوفهم، وأنا برجح إنهم مش بيجوا عشان مش معايا فلوس».

الجيران أكثر رفقا من الأبناء

الرجل الذي يعيش في فقر مدقع، داخل هذه الغرفة من 16 عاما، التي تهالكت جدرانها وسقط طلاؤها، ولم تعد تحتوي إلا على سرير قديم مفروش بـ«ملاءة» بالية، وبعض الأغراض البسيطة؛ لا يزوره فيها إلا بعض جيرانه، الذين يعرفونه منذ فترة طويلة، فيمنحوه بعض الصدقات أو الطعام، لكنه لا يزال يتمسك بأمل أن يرى أولاده وأحفاده «نفسي أشوفهم وأحس إني أب وجد»، كما يريد الحصول على «كٌشك» بسيط، يمكنه من الإنفاق على نفسه فقط «الحوجة وحشة».