| قرية الفواخير.. الدولة تضع مملكة جواهرجية الطين على الخريطة السياحية

بعد سنوات طويلة من الإهمال، عادت الحياة مجددا لقرية ومهنة الفواخير بالفسطاط بنطاق حي مصر القديمة، بعد توجيه القيادة السياسية بتطوير الحرف التراثية واليدوية وتشجيعها ومواجهة محاولات اندثارها، إذ شهدت القرية أعمال تطوير ورفع كفاءة واهتمام كبير خلال الفترة الماضية ومن المقرر أن يفتتح اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، أعمال تطوير قرية صناعة الفخار «الفواخير»، غدًا السبت؛ لإحياء إحدى أقدم الحرف التراثية بمصر منذ عهد القدماء المصريين.

حرفة الفواخير قديمة

في منطقة مصر القديمة، خلف مجمع الأديان، تقع قرية الفواخير التي خلدت واحدة من أقدم الحرف التي عرفها المصري القديم وسجلها في نقوشه على جدران المعابد من صناعة الفواخير وأواني الطعام، حيث كان يستخدمها لحفظ الطعام والشراب والحبوب، معتمدا على الطمي الأسواني في صناعة أجمل الجواهر والتحف الفنية من الطين، ومؤخرا في نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات بدأت الدولة تأخذ على عاتقها تجميع الفواخير في مكان واحد ونقلها من خلف جامع عمرو بن العاص، حيث كانت تعتمد أفرانها على الأخشاب والكاوتش، وكانت مصدرًا لتلوث البيئة، وتم نقلها إلى قرية الفواخير لتصبح صديقة للبيئة باستخدام أفران تعمل بالغاز الطبيعي.

تسعى الدولة حاليا إلى تحويل قرية الفواخير، إلى متحف مفتوح ومزار سياحي، خاصة أنها على مقربة من متحف الحضارات؛ لتسويق منتجاتها ودعم أصحاب الحرفة والفنانين، إذ توجد 152 فاخورة داخل الموقع من بينها أكثر من اتيلية لعرض المنتجات المتنوعة بعد تحويل الطين إلى جواهر وتحف فنية.

تحف فنية تصدر للخارج

داخل قرية الفواخير، تحف فنية أنيقة تصدر إلى الخارج ومنتجات متنوعة تبدأ أسعارها من 5 جنيهات، وتستخدم للأغراض الحياتية والطهي كالطواجن والقدرة والزير والجرة والصوانى وأواني تخزين الغلال كالصوامع والنوافير والفازات باشكالها واحجامها المختلفة، وغيرها فضلا عن مجسمات الحيوانات والطيور والتماثيل وكلها منتجات تصنع من رواسب النيل من الصعيد أو ما جرفته السيول من الهضبات الجيرية.

وأجرت «» جولة داخل قرية الفواخير للتعرف على أعمال التطوير وخطوات الصناعة ففي داخل إحدى الفواخير، قال الحاج عرفة أنور، صاحب فاخورة: «ـنا ورثت المهنة أبا عن جد وكان أغلب سكان مصر القديمة يعملون في صناعة الفواخير في القرن الماضي، وحاليا الوضع اختلف حيث تم تجميع الفواخير داخل قرية الفواخير لتكون صديقة للبيئة من خلال الاعتماد على الأفران التي تعمل بالغاز الطبيعي، وتنطلق مراحل التصنيع بجلب الطين ويتم خلط المياه مع نوعية الطين في حوض التصفية، عبارة عن حوض مبطن لمنع تسرب المياه، ثم ينقل الخليط بعد تنقيته من الشوائب إلى حوض التنشير، الذي يسمح بتسرب المياه، ويترك الخليط حتى يجف، بعدها يتم تقطيع الطين ويقوم الصنايعي بتشكيله حسب المنتج».

وأضاف «عرفة» خلال حديثه لـ«»، أن ما يحدث حاليا من دعم الدولة للفواخير ووضعها على خريطة المزارات السياحية، يدعم تسويق المنتجات لكل السياح، وهناك منتجات يتم تصديرها للخارج، مشيرا إلى أن أسعار منتجات الفواخير زادت بعض الشيء بسبب ارتفاع أسعار الخامات والنقل ولكن يتم مراعاة احتياجات المواطنين، إذ توجد طواجن أسعارها من 3 إلى 40 جنيهًا، مؤكدًا أن القرية تقدم كل أوانى المائدة وأشكال الفخار المستخدمة في الزينة، كما أنّ منتجات الفخار المصرية تغزو العالم وموجودة في كل المتاحف.

152 فاخورة  واتيليه

من جانبه، قال اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، في تصريحات سابقة، أنه تم تطوير قرية الفواخير التي تضم 152 فاخورة وأتيليه؛ لافتتاحها في إطار تنفيذ إستراتيجية القيادة السياسية لدعم وتشجيع الحرف اليدوية والعمل على وضعها على خريطة المزارات السياحية بالقاهرة وبرامج تنشيط سوق الفخار على المستوى المحلي والعالمي، خاصة خاصة أن حرفة صناعة الفخار من أقدم الحرف على مستوى العالم، مؤكدا أنه يتم استكمال توصيل جميع المرافق من مياه وغاز وكهرباء وصرف إلى جانب الاستمرار في تركيب أفران الغاز صديقة البيئة والبديلة عن الأفران البدائية وتركيب الولاعات الذاتية لباقي الوحدات بقرية الفواخير، ومتابعة أعمال الإنارة والنظافة والتشجير وتركيب لاند سكيب زراعى إلى جانب تركيب أرفف جانبية على حوائط كل فاخورة؛ لعرض المنتجات عليها بشكل جمالي، بالإضافة إلى طلاء واجهات الفواخير.

 دراسة إقامة مطاعم 

كما وجه محافظ القاهرة بدراسة إقامة منطقة خدمات ومطاعم لتقديم أكلات المطبخ المصرى بالقرية لتوفير احتياجات السائحين خاصة أنها تقع بجوار متحف الحضارة بالفسطاط.

من جانبها، أكدت المهندسة جيهان عبد المنعم، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، الانتهاء من الإعداد لإقامة معرض مفتوح بداية من غدا داخل قرية الفواخير لعرض منتجات الفخار الراقية والتسويق لها وتشجيع المواطنين على زيارة القرية وجذب السائحين والعرب، لافتة إلى إقامة ورشة فنية للأطفال لتصنيع أشكال فنية من الفخار بإشراف مباشر من الفنانين والأكاديميين في هذا المجال.

وأشارت إلى رفع كفاءة القرية من طلاء الواجهات وإضافة مقاعد خشبية للجلوس ورفع كفاءة المناطق الخضراء وتكثيف الإنارة ووضع أرفف خارج كل فاخورة لعرض مراحل تصنيع قطعة الفخار من البداية حتى وصولها للشكل النهائي كقطعة فنية بحيث تصبح منطقة عمل مفتوحة.

وأوضحت أن فاعليات مهرجان الافتتاح غدا تتضمن مشاركة ساقية الصاوي في إقامة مسرح عرائس للأطفال وتقديم عروض غنائية وفقرات فن التنورة والمزمار والفنون الشعبية.