أيامٌ لا يعرف عددها ظل يكافح فيها كعامل رخام، إلى أن أكرمه الله وتمكن من إدخار مبلغ من المال، يستطيع به شراء كميات من اللحوم والأرز ليقسِمها إلى وجبات مغلفة، ومن ثم يأتي سريعا مُستقلا دراجته البخارية قاصدا مسجد السيدة زينب ليقوم بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين.
يحكي أحمد عاطف، 18 سنة، طالب بالصف الثالث سياحة وفنادق، في حديثه لـ«»، أنه تعلم هذا الفعل من والدته، واعتاد عليه منذ قرابة الـ4 سنوات: «أنا اتعلمت دا من والدتي ومتعود أعمله من 4 سنين».
«أحمد»: أحلى حاجة فرحة الناس وهي بتدعيلك
لا يشغل بال «أحمد»، ابن حي الهرم بمحافظة الجيزة، أن ينفق ماله على الفقراء بهذه السرعة، هذا المال الذي ظل يشقى أياما كثيرة كعامل رخام حتى يحصل عليه، إنما كل ما يشغل باله هو رؤية وجه الفقراء ضاحكا وقلوبهم سعيدة؛ لإيمانه أن هذا يدرُّ عليه نفعا أكثر من إدخار المال: «أنا شغال عامل رخام.. باجي هنا كل فترة، كل ما ربني يكرمني وأحوش فلوس من شغلي باجي هنا.. أحلى حاجة فرحة الناس وهي بتدعيلك».
مسجد السيدة زينب لم يكن الوجهة الوحيدة لـ«أحمد»، وإنما يذهب أيضا رفقة أبناء عمه «أحمد» 15 سنة و«محمد» 14 سنة، إلى مسجد السيدة عائشة ومسجد السيدة نفيسة، مُستقلين دراجتهم البخارية؛ بحثا عن الفقراء، بل وأيضا هناك فقراء يذهبون إليهم في منازلهم بناءً على معرفة سابقة بأحوالهم: «بنروح برضه نوزع عند جامع السيدة عائشة والسيدة نفيسة.. وفيه ناس فقراء عارفنها محتاجة بنروحلهم البيت».
يرى «أحمد» أن الفقراء هم الفئة الأهم بين الناس والفئة الأولى بالرحمة والإهتمام، وأنه لا يُهملهم غير الجاهل، لذا هو يواظب على الاهتمام بهم وإسعادهم، ليس فقط بعطائه وإنما بابتسامته واهتمامه الحقيقي: «فيه ناس غلابة كتير في البلد وهما أهم ناس.. اللي بيهمل الغلابة أو يتجاهلهم دا جاهل ميعرفش حاجة».