| «فاطمة» تترك التدريس وتعمل «مكوجية» بعد وفاة الزوج: «وقفت على رجلي عشان ولادي»

ارتبطت حياتها بأمرين، كل واحد منهما في حاجة إلى يوم بمفرده، لكنها استطاعت أن تجمع بينهما في وقت واحد، فالظروف التي تعيشها أرغمتها على العمل والكفاح، وأن تترك مهنتها التي يحلم بها الكثيرون، خاصة بعد رحيل رفيق الدرب، الذي بفقدانه دخلت دائرة الاكتئاب، الجزء الأول تقضيه في مهنتها الجديدة، والجزء الثاني في تربية أبنائها، إنها فاطمة محمد، السيدة التي نجحت في أن تواجه صعوبات الحياة بمفردها، وتصبح «ست بـ100 رجل».  

«فاطمة»، الزوجة المكلومة، تنظر حولها على أمل أن تجد شريك حياتها الذي تقاسما معها الحلوة والمرة منذ أن تزوجا، تمعن النظر في صورته وتتذكر كيف أنه لم يكن مجرد زوج وأب لأبنائها فقط لكنه كان الحبيب والصديق. 

الزوجة المكلومة تتلقى الخبر الصادم

بدموع منهمرة يعتصرها الألم، تحكي «فاطمة» خلال حديثها لـ«»، لحظة سماعها خبر وفاة زوجها، قائلة: «كنت حاسة إني هتجنن، وفضلت أقول أنا عاوزة خالد أنا مش هعرف أعيش من بعده»، مضيفة أن طوق النجاة الذي انتشلها من حالة الحزن التي سيطرت عليها، هو حديث ابنها لها عندما ترجاها أن تتماسك، حتى لا يفقداها بعد رحيل أبيهما.

استعادت «فاطمة»، السيدة الخمسينية، خريجة دار علوم، قوتها من جديد، من أجل فلذة كبدها، قائلة: «وفقت لنفسي وقلت لازم أقف على رجلي عشان ولادي وأمي المريضة»، لتقرر أن تمتهن مهنة أخرى بدلا من كونها كانت تعمل مدرسة لغة عربية، للعمل بـ«كي الملابس».

«كنت عند أختي وشفت هدوم عندها لسه هتكويها قلتلها هاتيها وكوتها قدامها، ولقيتها بتقولي ده انتي أحسن من المكوجي اللي ببعتله الهدوم»، كانت تلك الجملة بمثابة صافرة الانطلاق بالنسبة إليها لفكرة العمل في مجال كي الملابس.

«فاطمة» تنفذ الفكرة على أرض الواقع، وتستأجر محل «مكواة»، ومنذ تلك اللحظة انقسم يومها مابين العمل في المحل، ورعاية الأولاد ووالدتها، قائلة:«أجرت محل وبقيت أحضر لولادي حاجتهم وأعدي على أمي، أشوف طلباتها وآجي افتح المحل واشتغل»، مضيفة في البداية كان يستغرب الزبائن من الأمر لأنهم اعتادوا على التعامل مع الرجال في كي الملابس، «الآن اشتهرت في المنطقة، حتي أنني أحيانا أضطر للعمل 12 ساعة يوميا». 

وتستكمل حديثها عن عملها: «طبعا الوقفة متعبة، وإيدي كمان وجعتني ومحتاجة أعمل فيها عملية، لكن أنا برضه بستمتع وأنا بشتغل، كفاية إن الشغل هو الحاجة اللي خرجتني من حالة الحزن والاكتئاب اللي كنت فيها».

لا ترجو «فاطمة» من الدنيا شيئا إلا أن يقدرها الله على أن تكمل مهمتها مع أبنائها، وأن يشق ابنها بعد استكمال تعليمه لنفسه طريقا وظيفيا، أو أن يوفقه الله بمشروع جيد، أما ابنتها فتتمنى لها أن تراها زوجة سعيدة مع زوج يصونها، ويكون لها نعم الرفيق كما فعل والدها مع أمها.