رائحة المسك والعطور المركزة تغطي جميع أرجاء شوارع منطقة العتبة التي تضم المباني العتيقة، وسط زحام وفوضي يخالطهما صوت البائعة الجائلين، يظهر أمامك على ناصية أحد شوارع محمد علي القديم محل على هيئة آلة زمنية، في محاولة من صاحب المحل لضبط إيقاع الزمن مع عشرات الساعات والمنبهات العريقة بعضها يعتبر من الآثار يحتفظ بها صاحب المحل في «فاترينات» زجاجية عتيقة.
أعرق محل ساعات في مصر «فرانسيس بابازيان»
وما إن تطأ قدماك المحل الكائن بمنطقة وسط البلد، تجد نفسك في الماضي الجميل إلى نحو 120 عاما إلى الوراء، الجدران القديمة والصور التي تبدل لونها للأصفر من أثر الزمن، إلى جانب إعلانات تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي لمحل «فرانسيس بابازيان» عن ساعات ذهبية كانت تباع بجنيهات قليلة في تلك الأيام، وبضمانات تصل إلى 15 سنة آنذاك، تجد نفسك قد استحضرت زمن أفلام الأبيض والأسود، عندما تشاهد ساعات الحائط الموجودة بالمحل ذات الطراز القديم والأحجام المختلفة والتي تعود إلى ما يقرب من 100 سنة.
ساعات خشبية ضخمة، وساعات ذات البندول أهم ما يميز محل «بابازيان» بعد شعارهم في الصدق والأمانة الذي حظوا به على ثقة الناس وبالشهرة الواسعة في مصر والسودان، فالمحل لا يبيع غير الساعات السويسرية من أشهر الماركات، كما أنهم يقومون بتصليح جميع أنواع الساعات بمنتهى الدقة والمهارة الفائقة بواسطة فنيين أخصائيين.
إرث الأحفاد للكنز التاريخي
تأسس المحل عام 1903 من قبل جد العائلة وهو «فرنسيس بابازيان» بعد عودته من تركيا إلى مصر التي كانت في ذلك الوقت مكانا لضم المهاجرين واستقبال مشاريعهم بصدر رحب، ونجح المحل في بدايته بترك بصمة كبيرة في شوارع العاصمة حتى توفى «فرنسيس»، لتنتقل إدارة المحل من الجد إلى الأبناء والأحفاد في محاولة منهم للاحتفاظ بطابع المحل الخاص والفريد.
«اشود بابازيان» أحد أحفاد فرنسيس يروي لـ«» قائلا: إنه كان يعمل في المحل منذ أن كان في عمر 5 سنوات، و مازال إلى الآن يباشر عمل عائلته في شغف وإخلاص للمهنة، بعد أن هاجر معظم أعمامه إلى كندا وأمريكا تاركين خلفهم هذا الإرث الذي يحتاج للصبر الشديد ورواق البال «أصبحت مهنة الساعاتى مهددة بالانقراض».
زبائن من الطبقات الأرستقراطية
وعادة ما يتوافد الزبائن على المحل من أجل إصلاح ساعاتهم القديمة التي ورثوها أيضًا عن آبائهم وأجدادهم وغالبية زبائن المحل من الطبقات العليا، «كان بيجي لوالدي ممثلين كتير منهم أمينة رزق ومريم فخر الدين» هذا بخلاف العديد من الضباط الأحرار مثل زكريا محى الدين وعبد الحكيم عامر.
ورغم شهرة المحل وسمعته الطيبة بين الناس، إلا أن «بابازيان» لا يرغب في افتتاح فروع جديدة من المحل «صعب افتح في مكان تاني، وأسيب الفرع الأصلي لمين يديره»، فالمهنة تواجه العديد من المشاكل منها أنها تموت عالميا بسبب الجيل الجديد واستخدامه للإلكترونيات.