الظهور الذي انتظره اللبنانيون لمعرفة المصائر التي تنتظر بلدهم، استخدم خلاله أمين عام حزب الله أساليب غير مألوفة إلا في حال استشعر بـ«الزنقة»، إذ خفّض أصبعه، وحاول بهدوء مصطنع التذاكي تارة والتباكي تارة أخرى على مصاب اللبنانيين الذين ورطهم بسبب عدائه للسعودية ودول الخليج، مستشعراً أمامهم تداعيات وثقل المواقف السعودية على لبنان.
ورغم مشهدية المظلومية التي أداها نصرالله، إلا أنه سرعان ما عاد لطبيعته، فتنصل بدم بارد من كل المسؤوليات الناتجة عن مقامرته بمصير لبنان من تعطيل للمؤسسات وقطع للأرزاق وللعلاقات الخليجية وربما العربية، رامياً إياها زوراً وبهتاناً على المملكة، واكتفى بتوصيف الوضع القائم دون أن يتراجع خطوة واحدة إلى الوراء، إنها «أزمة قائمة وفعلية»، لينهي خطابه بنتيجة واحدة وهي الإبقاء على مصير لبنان معلقاً على قراءات «حزب الله» الخاصة لكل الملفات الداخلية والخارجية.
ففي العلاقة مع السعودية والخليج ورغم إدراكه أن عملية احتساب المواقف العدائية ستزيد من شد الخناق على لبنان واللبنانيين، خلص بعد طول شرح وتقديم إلى تأكيد العداء للمملكة، وأكثر من ذلك، إلى تحميلها تبعات تفاقم الأزمة اللبنانية الناتجة عن افتراءات قرداحي، معلناً رفض حزب الله لاستقالة أو إقالة القرداحي، ودعا اللبنانيين إلى أن يستعينوا بـ«الصبر» ويعضّوا على الجراح. محرضاً إياهم على المملكة ومنتقداً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي طالب قرداحي بتقديم المصلحة الوطنية، بالقول: هل مصلحة الوطن في الاستجابة لكل ما يطلبه الخارج؟
وبعدما أجهض نصرالله مبادرات الحل الداخلية والخارجية يبقى السؤال: إلى أي مدى بإمكان ميقاتي أن يستمر في تقديم التغطية السياسية لمشروع «حزب الله»؟