«قول يا قوَّال».. هكذا تبدأ حلقات السَمر في جلسات وتجمعات أبناء قرى «الصعيد الجوَّاني»، ويبدأ بعدها شيوخ الجلسة والأكبر سنا، في فيض ما لديهم من خبرة السنين المتراكمة، على شكل مقطوعات مربعة، تسمى بفن «الواو»، وهو فن سماعي، وليس كتابي، يتكون من 4 شطرات، بقافيةٍ ووزنٍ معينين، بحيث يتفق الأول مع الثالث، والثاني مع الرابع، وهو الفن الأكثر تداولا في البيئة الصعيدية.
عبد السميع محمد، 35 عاما، ابن مركز نجع حمادي بمحافظة قنا، خريج كلية التربية جامعة جنوب الوادي، الذي يعمل الآن مُعلما للغة الإنجليزية، تعلق بهذا الفن، من خلال جلسات الأجداد، ليصبح أحد القوَّالين (الشعراء) لفن «الواو».
يقول عبد السميع، لـ«»، إن فن الواو بصفة عامة هو فن سماعي وليس كتابي، ورثناه عن أجدادنا، وهو بيكون ماشي على وزن بحر من بحور الشعر ومجزوء من بحر المُجتثَّ، ودايما هو مجال السَمر بين الناس أثناء قعدتهم في المنادر، خاصة في سهرات الشتاء التي يشعلون فيها النيران للتدفئة، والقعدة كلها بتكون ناس كبيرة في السن، وعندهم خبرة طويلة في الحياة، فبيقدموا خلاصة التجارب بتاعتهم.
أدوات فن «الواو»
ويعتمد فن «الواو»، في الأساس على سرعة البديهة والارتجال، والثراء اللغوي والإلمام بالتعبيرات الصعيدية شديدة الخصوصية: «فن الواو بيعتمد على استخدام تعبيرات واسماء أدوات ميفهمهاش غير اللي عايش في المجتمع الصعيدي، زي كلمة مظرظر وزمقان والمطرحة والبشكور والمقطف.. ولأن القوَّال دايما بيكون فيلسوف علمته الحياة وليس المدارس فهو دايما بيستخدم ألفاظ المجتمع ببساطة ولكن في طور الحِكمة».
بعض مُربعات فن «الواو» للشاعر عبدالسميع محمد
«لكل عاشق وليفة.. ولكل زَرعة تقاوي.. ما تخلي نفسك عفيفة.. دا الدنيا ياخي خطاوي»
«ولا كل قُربة تفيدك.. ولا عم ينفع وخال.. ولا حاجة في الدنيا في أيدك.. حتى دارك وخيالك».
«لو ناوي تشكي جراحك.. أوعاك تروح للخلايق.. للمولى أبسط براحك.. توسَع عليك الخلايق»
«دنيا بتاخد ولا تجيب.. وتهد حيل الغلابة.. طب عَنزة تحيا مع الديب.. والحُر يسكن خرابة»
بداية «عبد السميع» في كتابة فن «الواو»
هذه المقطوعات المُربعة للشاعر عبد السميع محمد، يُلقيها بصوته القوي الوقور، على مُتابعيه من خلال قناته التي تحمل اسمه على موقع الفيديوهات الشهير «يوتيوب»، إذ بدأ في إلقاء هذا الفن منذ نحو 7 سنوات: «اتعلمت فن الواو من خلال القعدة مع الأجداد، وبدأت أكتب بسبب كتر التجارب اللي عديت بيها ومشاق الحياة عموما، فأصبح عندي كلام كتير محتاج يطلع»، وفقا لـ«عبدالسميع»، الذي لم يُخفِ أن ظهور الإنترنت أثر على أبناء الصعيد، الذين كانوا قبل ظهوره دائما ما يقضون أوقات فراغهم في مثل هذه الجلسات.