معاريف – بقلم: عضو الكنيست الاسرائيلي السابق موسي راز “اتهمني آريه الداد بتهم قاسية، بأنني “نذل وشرير”، “كاره لإسرائيل”، وذو “عفن أخلاقي”، وبأقوال قاسية أخرى تجاهي وتجاه حزبي. “ميرتس” حزب يؤمن بقيم المساواة، وحقوق الإنسان والسلام، وهذه تقودني في فعلي العام والسياسي منذ أكثر من ثلاثة عقود. كل فعلي وفعل حزبي يأتي انطلاقاً من محبة إسرائيل ومن السعي إلى العدل والمساواة في الحقوق، الحقوق لكل البشر، دون فرق في الدين أو العرق أو الجنس. نعم، للفلسطينيين أيضاً. أعتقد بأن طلب رجال “الاستيطان الفتي” للارتباط بالمياه والكهرباء هو طلب وقح. فمن يقيم بؤراً استيطانية بخلاف قوانين الدولة والقانون الدولي، لا يمكنه أن يأتي بعد ذلك لمطالبة الدولة بربطه بالكهرباء والمياه. لا يدور الحديث هنا فقط عن مسألة حكم القانون – البؤر الاستيطانية غير القانونية في المناطق هي، في ظني، مس بفرص أي تسوية سياسية في المستقبل، وعمل يتعارض تماماً والمصلحة الإسرائيلية. على حكومة إسرائيل ألا تشجع هذه الظاهرة وتنظمها.
بالطبع، لكل الناس حق أساسي في الماء. وأن أكافح في سبيل تحقق هذا الحق منذ عشرات السنين، فهو حق أساسي في الحياة. لا ينبغي التعميم على جمهور كامل بأي حال، ولم يكن هذا مقصدي. لأسفي، تلقى قراء هذه الصحيفة صورة أحادية الجانب وغير صحيحة، تعرض الاستيطان الفتي كقانوني وشرعي، فيما الأمور ليست كذلك. صحيح أن مشروع القانون لتسوية أوضاع الاستيطان الفتي سقط في الأيام الأخيرة في الكنيست، وأنا مسرور لذلك.
يشكو الداد من عدم تسوية أمور المياه والكهرباء لأكثر من عشرين ألف مواطن إسرائيلي يسكنون في “الاستيطان الفتي”. مهم وجدير الإشارة إلى أن مناطق الضفة الغربية هي مناطق احتلتها إسرائيل قبل نحو 55 سنة، ولم يطبق عليها القانون الإسرائيلي. الكثير من المستوطنات التي تسمى “الاستيطان الفتي” هي بؤر استيطانية غير قانونية، لا توجد على أراضي الدولة، بل على أراض خاصة. وإن نقل مواطني دولة الاحتلال للسكن في منطقة محتلة هو خرق للقانون الدولي. وبناء مستوطنات وإسكان بؤر استيطانية و”مستوطنات فتية” في أرجاء الضفة الغربية يشكل خرقاً للقانون الدولي وجريمة حرب.
زرت جنوب جبل الخليل مرات. وهناك تم ربط كل البؤر الاستيطانية التي نشأت في المنطقة بشبكات مياه وكهرباء، بينما يمنع جيرانهم الفلسطينيون، الذين يعيشون على أرضهم منذ عشرات السنين، من شبكات مياه وكهرباء، ويبدو أنه لن يسمح لهم بذلك. الحقائق هي أن نحو 99 في المئة من طلبات تراخيص البناء للفلسطينيين في المناطق “ج” ترفض رفضاً باتاً. وفضلاً عن ذلك، يتعرض الفلسطينيون في المناطق “ج” في الأشهر الأخيرة لعنف شديد من جانب جيرانهم من البؤر الاستيطانية المختلفة – منذ بداية السنة طرأ ارتفاع بنحو 60 في المئة في حالات عنف المستوطنين مقارنة بالعام الماضي.
لا أساس للمقايسة السخيفة بين القرى البدوية غير المعترف بها في النقب، وتلك البؤر الاستيطانية على التلال في المناطق [الضفة الغربية]. أولاً، الكثير من القرى غير المعترف بها في النقب كانت موجودة حتى قبل قيام الدولة في 1948. ثانياً، لا يوجد بديل مناسب لسكان النقب. وثالثاً، حكومات إسرائيل تعمل منذ سنين على تنغيص حياة سكان القرى، الذين يعيشون هناك منذ أن ولدوا بل ولأجيال كثيرة من قبل D9 (جرافة كبيرة) ترسل لتنفيذ أعمال الهدم كأمر اعتيادي، بالتوازي مع غض النظر عن البؤرة الاستيطانية التي تقوم بوتيرة مدوخة على كل تلة شاغرة.
آريه الداد العزيز، إن مطالبة أبناء شعبي بالكياسة وباحترام القانون هي تعبير على اهتمام ومحبة لإسرائيل، وليس العكس. أقترح عليك أن تنقل مقياس الأخلاق إلى أحد آخر، إذ إني وحزبي نستوفي شروطه بنجاح زائد.