ينتهي من دراسته في الثانية ظهرًا كل يوم، ثم يذهب إلى عمله «صبي نقاش» مع جاره، وهو في الخامسة عشر من عمره، ظل يتعلم المهنة حتى أتقنها، لتكون مصدر رزق له ولوالدته، بعد ما توفي والده وهو صغير، تاركًا له ثقل مسؤولية البيت، ولم يكتفِ الشاب العشريني بهذه المهنة، بل واصل تعليمه وتخرج في كلية الآداب حاصلًا على ماجستير في علم النفس.
يستيقظ «دالي عبد النبي» في الإجازة الدراسية من الساعة الثامنة صباحًا لمساعدة جاره في النقاشة ليعود بعد العشاء، حاملًا كل التعب والإرهاق معه، وفي جيبه 5 جنيهات ثمن اتعابه اليومية، حسبما رواه لـ«»، قائلا: «اتحولت من ولد مترفه، والدته بتجيبله الأكل لحد عنده لولد بيطلع عينه في بيوت الناس مستنى الناس تطلع للصنايعية الغدا».
أحلام يبدلها القدر لواقع أحلى
ظل «دالي» البالغ من العمر 27 عاما، يعمل كصبي نقاش حتى دخل المرحلة الثانوية، ليتوسط له أحد أقاربه ليعمل بجانب دراسته في أحد محلات الموبايلات، «كنت بعمل كل حاجة بكنس وبمسح وبجيب طلبات»، ليتطور معه الأمر شيئًا فشيئًا ويصبح فني تركيبات هواتف بالتزامن مع نجاحه في الثانوية العامة، فظهر له بصيص من الأمل بعودة حلمه الطفولي بدخول كلية الحربية، لكن يشاء القدر أن يغير حلمه ويفشل في أول أمنية له.
تملك اليأس والإحباط من الشاب العشريني، لكن كان بداخله شعور دائم بأن الرضا التام بقضاء الله سيفتح له أبواب الخير، ليدخل كلية الآداب قسم التاريخ، واستمر يتنقل من عمل إلى عمل حتى وصل إلى «ليدر كول سنتر» بأحد الشركات الخاصة، وتمكن من خلال تشجيع والدته المستمر له إكمال دراسته بدرجة الماجستير في علم النفس، «بحمد ربنا كل يوم، مكنتش أحلم بنص اللى وصلت له لحد دلوقتي»، بحسب قوله.
ترقية «دالي»
فتحت الأبواب مرة أخرى أمام «دالى» فأصبح أصغر ليدر في شركته، لافتًا انتباه كل زملائه ومديريه حتى العملاء، لتكرمه الشركة على مجهوداته المستمرة في مساعدة زملائه،وجرى ترقيته لوظيفة أعلى «Official Operations Team Leader» المسئولة عن تدريب وكفاءة الموظفين، ليصبح في لحظة مدير مباشر مسؤول عن أكثر من 400 موظف؛ ما زاد حماسه لتعلم المزيد فحصل على دبلومة من جامعة «Eslsca» الفرنسية في مجال إدارة المشروعات.
وتوالت الترقيات على الشاب العشريني، ليصل لمنصب مدير الشركة التي بدأ فيها موظف خدمة عملاء، وفي 2018 تم تكريمه من وزارة الشباب والرياضة بأنه من أفضل 10 شخصيات شبابية مؤثرة في مصر، حتى أنهم يلقبوه «وزير الشغل»، «ربنا كرمني وجعلني سبب في فتح أكتر من 600 باب رزق حلال لـ 600 شخص».