رفع الاحتلال الإسرائيلي من حالة تأهب واستعداد قواته في مدينة القدس، بحسب ما ذكرت مصادر أمنية إسرائيلية، مساء الأحد، وذلك تحسبا لعمليات ضد عناصرها في أعقاب “عملية باب السلسلة” التي نفذها الشهيد فادي أبو شخيدم، وأسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة 3 آخرين.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي (“كان 11”) أن “قوات ‘حرس الحدود‘ (الشرطية) رفعت حالة التأهب والاستعداد في القدس، خوفا من موجة عمليات مستلهمة” من عملية إطلاق النار صباح الأحد. ونقلت القناة الرسمية الإسرائيلية، عن مسؤول في جهاز الشرطة قوله: “نأخذ في الحسبان أن الوضع قد يتدهور إلى موجة من الهجمات الفردية”.
وأكد المسؤول في شرطة الاحتلال أن أجهزة الأمن الإسرائيلية قررت تعزيز القوات الموجودة في المنطقة؛ مشيرا إلى التقديرات بأن الشهيد أبو شخيدم كان داخل الحرم القدسي ومعه السلاح الذي استخدمه في العملية، قبل الإقدام على تنفيذها.
وقالت القناة إن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن السلاح الذي استخدمه الشهيد أبو شخيدم في العملية من طراز برتا M112 وليس سلاح “كارلو” محلي الصنع؛ معتبرة أن وصول أسلحة نظامية (غير مصنعة بشكل يدوي)، هو نتيجة “عملية معقدة للغاية، على عكس الأسلحة المرتجلة التي يتم إنتاجها محليا في مناطق السلطة الفلسطينية”.
العمليات في القدس… قد “تشعل” الأوضاع
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن العمليات التي تنفذ ضد قوات الاحتلال والمستوطنين في محيط المسجد الأقصى، قادرة على تأجيج الأوضاع “في القدس والضفة الغربية المحتلة وداخل الخط الأخضر (مناطق الـ48)”.
وأكد هرئيل أن قوات الاحتلال تعمل على تعزيز قواتها في البلدة القديمة في القدس، فيما “يشحذ الجيش الإسرائيلي يقظة وحداته في الضفة الغربية”، على حد تعبيره، في محاولة لمنع موجة عمليات محتملة، ومواجهة احتجاجات فلسطينية غاضبة.
وحذّر هرئيل، رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، من الاستجابة لدعوة وزير الاتصالات، يوعاز هندل، و”تكرار التجربة الفاشلة”، بتثبيت بوابات إلكترونية على أبواب المسجد الأقصى المبارك، لتكشف عن المعادن سعيا لإحباط محاولات إدخال الأسلحة للحرم القدس والبلدة القديمة.
وشدد هرئيل على أن ذلك قد يؤدي إلى ردة فعل غاضبة من جانب الفلسطينيين، كتلك التي شهدتها المدينة المحتلة في تموز/ يوليو 2017، عندما أجبر المقدسيون قوات الاحتلال على إزالة البوابات الإلكترونية التي ثبتتها عند أبواب المسجد الأقصى، حينها.
وقال إن المخاوف الأمنية الإسرائيلية حاليا تنصب على “محاولات تقليد عملية إطلاق النار في القدس وعملية الطعن في يافا”، “خصوصا عندما يتعلق الأمر بهجوم نفذ في منطقة” الحرم القدسي، مدعيا أن مثل هذه العمليات “تثير مشاعر دينية… تتمثل في سعي المزيد من الفلسطينيين للسير على خطى” الشهداء.
وحذّر المحلل العسكري الإسرائيلي من تأثير العملية في القدس على الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة عموما “في ظل تراجع سيطرة قوات أمن السلطة الفلسطينية على الأوضاع في مناطق ‘أ‘ و‘ب‘ الأمر الذي يتجلي بالاشتباكات المسلحة العنيفة بين أجهزة الأمن الفلسطينية ومسلحين محسوبين على حركة فتح والمنظمات الإسلامية في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية”، مشددا على أن ذلك قد ينسحب ليُترجم “بسهولة إلى مزيد من الهجمات ضد إسرائيل”.
وأشار هرئيل إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية “ستراقب التطورات عن كثب، والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الأحداث الأخيرة في القدس ستؤثر أيضًا على الوضع في قطاع غزة”، مشيرا إلى أنه “كان هناك تهدئة مؤخرا على حدود غزة، مع اتفاقات متبادَلة لتوسيع المساعدات الاقتصادية واستقدام المزيد من العمال من قطاع غزة للعمل في إسرائيل”.
وذكر أنه “من المرجح أن تحاول حماس الاستمرار في لعبة مزدوجة: من ناحية، تشجيع الإرهاب (العمليات المُنفّذة) في القدس والضفة الغربية؛ على أمل أن يؤدي ذلك إلى تقويض استقرار حكم السلطة الفلسطينية، و(يزعزع) علاقاتها مع إسرائيل”.
وأضاف أنه “من جهة أخرى، يجب الحرص على… تجنّب مواجهة عنيفة جديدة (في غزة) من شأنها أن تلغي الإنجازات التي تحققت في الأشهر الأخيرة”، لكنه استدرك قائلا: “لكن التجربة السابقة، آخر مرة حدث فيها ذلك في أيار/ مايو الماضي، تثبت أن حماس تجد صعوبة في الالتزام بهذه السياسة، وتميل أحيانًا إلى شد الحبل مع إسرائيل، بطريقة قد تؤدي إلى تصعيد في الجنوب أيضًا”.