المشهد الإسرائيلي ما بعد نتنياهو ..د. محمد المصري

تتوالى الأخبار سريعاً من داخل إسرائيل، بإمكانية نجاح معارضي نتنياهو بتشكيل حكومة تغيير، وهنا أريد التأكيد بأننا كفلسطينيين سنكون سعداء بغياب هذا المجرم الفاسد عن الساحة السياسية الاسرائيلية، انتظاراً أن نراه خلف القضبان بعد محاكمته بتهم الفساد والرشوة وسوء الأمانة الموجهة له، وإن لم يكن كذلك، فإن محكمة الجنايات الدولية ستكون بانتظاره للقصاص منه على ما فعله من جرائم تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني، وخاصة بقطاع غزة.

وبالرغم من ذلك لم نكون سعداء بمجيء ما يسمى بحكومة التغيير هذه، حيث أنها ستكون أكثر يمينية، والأهم من ذلك ستكون حكومة ضعيفة وهشة، ولن تستطيع أن تتقدم باتجاه أي عملية سياسية، بل عكس ذلك تماماً، ستذهب تجاه المزيد من الاستيطان ومزيداً من محاولات التهويد للقدس، من أجل اثبات أنها حكومة يمينية، وأن بينت رئيس الحكومة المحتمل، رئيس حزب يمينا سيقدم نفسه الى اليمين المتطرف بأنه قادر على تحقيق ما لم يحققه نتنياهو، وستبقى عينه على الانتخابات الخامسة والتي ستكون قريبة.

لماذا نقول هذا الأمر: إن الصراع المحتدم في إسرائيل بين السياسيين جزء مهم منه، هو عدم ثقة كل السياسيين بنتنياهو، إلا أن الأمر أعمق من ذلك بكثير، حيث حالة التفسخ بالمجتمع والانقسامات بين شرائحه تتعمق، وان تغول اليمين على بقية المجتمع المدني لا يطاق، وان الصراع على هوية الدولة انطلق بين من يريد دولة علمانية ومن يريدها دولة مدنية.

هذه الحكومة ان شكلت، وهذا ما زال صعبا، لن تنال الثقة وتحصل على 61 صوت في الكنيست دون دعم القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس، أي ستكون هذه الحكومة مكبلة في حال أرادت أن تقدم على أي مغامرة عسكرية أو سارت باتجاه تهويد المسجد الأقصى.

هذا اعتقادي، وإلا سيكون منصور عباس وقائمته تخلو عن القدس وعن شعبهم وبالتالي سيكون لشعبنا في 48 كلمة.

نقول هذا الكلام، ونحن مازلنا ندفن شهداءنا، ولم نرمم بعد ما دمرته آلة الاجرام الإسرائيلية، ومازالت المظاهرات تعم الشوارع في أوروبا والولايات المتحدة تضامنا مع شعبنا وشجبا لما قامت به الحكومة الداعشية في إسرائيل.

أحد عشر يوماً غيرت الكثير، وهذا التغيير سيطال إسرائيل وسيدفع مجرمي الحرب الثمن بالقانون الدولي، ونحن أيضاً تغيرنا وأصبحنا أقرب إلى إنهاء الانقسام بعد توحدنا في الميدان. لم نتغير دون تكلفة، بل دفعنا دماء أكثر من 260 شهيد، ومئات الجرحى والدمار الواسع في مختلف مناطق قطاع غزة، وبالرغم من ذلك حققنا انتصاراً بوحدتنا وصمودنا.

والآن وبعد الذي جرى، وقد يجري، أمامنا فرصة كبيرة، شعبنا موحد، ويوجد تضامن عربي ودولي عالي المستوى، وقضيتنا على جدول أعمال الأمم، وهناك من الأخوة العرب من يريد أن يساعدنا في إعادة الاعمار واتمام المصالحة الداخلية وفتح مسار سياسي على أرضية قرارات الشرعية الدولية، إن لم نساعد أنفسنا لن يستطيعوا مساعدتنا.

جمهورية مصر العربية بثقلها من رئيس الجمهورية وأجهزتها السيادية وشعبها، كذلك الأردن الشقيق ملكاً وشعباً، وهناك أشقاءنا من دول عربية أخرى وأصدقائنا في العالم تقدموا لمساعدتناويطالبونا بالتوحد، ونحن جربنا ذلك، حينما توحد شعبنا في الضفة وغزة والقدس وشعبنا في 48 والشتات، حققنا في أحد عشر يوماً ما لم نحققه في خمسة عشر عاماً من الانقسام.

شعبنا يريد انهاء الانقسام، وهذه فرصة السياسيين من قيادات العمل الوطني والإسلامي، لبو نداء شعبكم وصونوا دماء الشهداء. إسرائيل ضعيفة لا يوجد فيها شريك لنا في أي عملية سلام بالمدى المنظور، قوتنا بوحدتنا، وبوحدتنا نفرض على المحتل أن يرحل عن أرضنا.

2