عبد السميع محمد
يحتوي المجتمع الصعيدي على العديد من الألفاظ والتعبيرات الخاصة يتناقلها أبناؤه فيما بينهم بشكل معتاد، وإنما يصعب على من هو خارج هذه البيئة أو من لم يتردد عليها أن يفهمها، والغريب أن هذه التعبيرات في بعض الأحيان قد يصعب فهمها من قِبل أبناء البيئة أنفسهم؛ نظرا لشدة قِدمها.
خصوصية اللهجة الصعيدية
يحكي عبد السميع محمد، 35 سنة ابن مركز نجع حمادي بمحافظة قنا، في حديثه لـ«»، أن اللغة أو اللهجة الصعيدية هي وليدة البيئة التي يعيشون فيها، وبرغم أنها تتميز بالخصوصية، إلا أنها ليست بالخصوصية الشديدة: «الصعايدة لما بيتكلموا مش بيكونوا حريصين أن اللي قدامهم ميفهمهمش، بالعكس بيحاولوا يستخدموا ألفاظ سهلة علشان يساعدوا اللي قدامهم أنه يفهم»، مشيرًا إلى أن اللهجة تضم الكثير من الجمل التي يصعب فهمها في بعض الأحيان، ومنها:
تعبيرات صعيدية
«عصاية السَبع خَنت»: «السَبع» هو الفتوة أو صاحب الكلمة المسموعة، و«خَنت» بمعنى ضعفت، والمقصود بعصاته هنا أي كلمته، ولذلك فهي تعني أنه لم يصبح له كلمة مسموعة وهيبة كما كان.
«جاك دم يخُش عليك» أو «جاك دم يقلِبك»: «جاك» بمعنى «أتاك»، ومن المعروف أن احتياج الإنسان إلى دمٍ يعني أنه مريضٌ صحيًا، فالدعوة الأولى هنا هي تمني المرض للشخص المُخاطَب، وفي الثانية هي تمني أن يتسبب هذا الدم الجديد الداخل إلى جسمه في قتله.
«جاك سُقُطري»: السُقُطري تعني النحاس أو الحديد المُنصَهر وأصبح في حالة سائلة، ولذلك فهي تعني في النهاية أن ينسكب عليه الحديد أو النحاس المُنصَهر.
«شغل دحلبة دحليشة متعملهوش معايا»: «الدحلبة» هي التودد والمداهنة، و«دحليشة» لها قصة خيالية يتناقلها أبناء الريف بأنها سيدة في بداية زواجها راحت تتودد إلى أهل بيتها حتى أخذت منهم كل شيء، والمقصود بها أي لا تتودد إليَّ وأنت تضمر في نفسك الشر، وفقا لـ«عبدالسميع».
الحزون الماكن
«جاك الحَزّون الماكِن»: الحَزّون هو الحزن، والماكِن أي المُتَمكِن، ولذلك فهي تعني تمني الحزن الشديد للشخص المُخاطَب.
«جاك تحسة»: «تحسة» تُعني «تعسة» أي التعاسة، ولذلك فهي تعني أنه يتمنى له التعاسة وخيبة الأمل.
«وِشك زي الغُراب النوحي»: «وِشك» بمعنى «وجهك»، والنوحي هو أحد أنواع الغربان، يتميز بشعره الشديد السواد، ولذلك فهي تعني أن وجهه قبيح.
«بوزَك ناشِف»: «بوزك» بمعنى «فمك»، وهي تعني أن الشخص المُخاطَب له طلَّة غير مُستحبة ولا تأتي بالخير أبدًا.
«وِشك زي طَبلية اليتامى»: «الطبلية» هي مائدة الطعام في البيئة الصعيدية، وهي خشبية ومستديرة الشكل، والأسرة اليتيمة في البيئة الصعيدية هي أسوء الأسر حظًا؛ إذ فقدت ربَّها، فغالبًا ما تكون «طبلية» اليتامى مًقفرة ولا وجودٌ للخير عليها، ولذلك فالعبارة تعني في النهاية أن المُخاطَب ليس على وجهه ما يُبشِر بالخير.
فلان حباله في الهوا شتلت
«فلان حباله في الهوا شتلت»: «شَتلت» بمعنى فَلتت أي إرتخت بلا نظام، والمقصود بالحبل هنا هي أفكاره، ولأن الحبل دائما ما يوحي بالربط والحزم، فهي تعني هنا أن فلان هذا أصبح لا يضبط أفكاره ولا يفرق بين الخطأ والصواب.
ويستكمل ابن محافظة قنا أن من ضمن التعبيرات الصعيدية، الجمل التالية:
«أنت حشيش السواقي»: حشيش السواقي هو النبات الذي ينمو أسفل السواقي (جمع ساقية) مُتغذيًا على مائها، وفي نفس الوقت هو يعوق حركة المياه الخارجة منها، ولذلك فهي دليلٌ على أن المُخاطَب هو شخص ناكِرٌ للخير، يتلقى الخير من شخصٍ ويُسبب له الأذى في الوقت ذاته.
«وِشك يقطع الخَميرة من البيت»: الخَميرة ترمز للخبز ومن ثَم الحياة، ولذلك فهي تعني أن طلّة الشخص المُخاطَب تُصرِف الخير دائمًا، وهي دليل على التشاؤم.
«أبوك كَل الخميرة وتهمها في الجِديان»: «الجِديان» جمع «جَدي» (ذكر الماعز)، وهي تعني أن أباه يتصف بالجوع والجُبن في الوقت ذاته؛ إذ أكل الخميرة (الخبز) وأتهم البهائم بأكلها.
القديم عليه الرَديم
«القديم عليه الرَديم»: «الرَديم» هو التراب، والمقصود هنا أن يُلقى التراب على كل ما هو قديم، أي يتناسوه.
«يا محروق»: وهي تُعني الدعاء بأن تحرقه النار.
«يا منتول»: وتعني يا ملعون.