قال موقع Middle East Eye البريطاني إن جهات بريطانية معنية بتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الفلسطيني، منها إحدى جمعيات العمل الخيري الإسلامية البريطانية وخبراء آخرون، أبدوا خشيتهم من أن يؤدي التشريع الجديد الذي يحظر حركة حماس ويصنِّفها منظمةً إرهابية إلى إعاقة العمل الخيري داخل الأراضي الفلسطينية المحاصرة.
هل يضر حظر بريطانيا لحماس بالعمل الخيري في غزة؟
جاءت تلك المخاوف بعد أن مرَّر مجلس العموم البريطاني خطة الحكومة لتعديل قانون الإرهاب لعام 2000 دون تصويت يوم الأربعاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني، وشمل ذلك تصنيف الجناح السياسي لحركة حماس الفلسطينية “منظمةً إرهابية”.
وبحسب التشريع الجديد، فإن الدعم العلني لحركة حماس سيُعاقب عليه بعد الآن بالسجن، لكن لم تتضح بعد تداعيات الحظر على الجمعيات الخيرية العاملة في قطاع غزة، الذي تحكمه حماس وتحاصره إسرائيل منذ عام 2007.
وفي هذا السياق، أشار جهانغير محمد، الرئيس التنفيذي لمنظمة Communica، وهي منظمة تعمل بتقديم الاستشارات لجمعيات خيرية محلية ودولية، إلى أن هذه الخطوة تُحدث تحولاً في مكانة غزة، فبذلك التشريع “يصبح القطاع الآن خاضعاً لحكم كيان إرهابي، ما يعني أن الجمعيات الخيرية سيتعين عليها التريث كثيراً قبل الإقدام على أي عمل لها هناك”.
وقال محمد لموقع MEE: “معظم المؤسسات الخيرية المعنية يكون لديها بعض التواصل مع حكومة حماس وإداراتها، حتى عند العمل من خلال المنظمات غير الحكومية في غزة. وقد يؤدي التصنيف الجديد إلى اتهام مجموعات الإغاثة بأنها على صلة بجماعات إرهابية”.
وفي معرض الانتقاد للتشريع، قال محمد: “هذه الخطوة غير مدروسة لأن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يتعاملان مع الجناح السياسي لحركة حماس ولديهما علاقات معه، علاوة على أن غزة في حاجة شديدة إلى المساعدات التي تُقدم إليها”.
وأضاف: “سيصبح من الصعوبة بمكان على الجمعيات الخيرية أن تعمل في غزة، لأنه قد يُحقَّق معها بتهمة التواصل مع كيان إرهابي. كما قد يتعرض القائمون عليها لخطر الاتهام بانتهاك قوانين الإرهاب”.
المنظمات الخيرية البريطانية التي تعمل بغزة تخضع بالفعل لتدقيق صارم
من جهته، أكَّد نورد شودري، الرئيس التنفيذي لمنظمة Human Aid غير الحكومية ومقرها لندن، اتفاقَه مع المخاوف التي أبداها محمد، وقال إن إيصال المساعدات إلى غزة قد يزداد صعوبة الآن.
وقال شودري لموقع MEE: “القانون الجديد غير واضع فيما يعني تطبيقه عملياً، لأن الحظر يُحتمل أن يُسبب مشكلات فيما يتعلق بالسفر لتقديم المساعدات، ويُتوقع أن تكون له تداعيات على العمل الذي نقوم به في غزة”.
ولفت شودري إلى أن “المنظمات تخضع بالفعل لعملية تدقيق صارمة، لكنها الآن سيتعين عليها أن تخضع لمزيد من الفحوصات المتعلقة بوجهة الأموال والتحقق من ألا يكون شركاء العمل الميدانيون على قوائم الحظر”.
وفي مثال على العوائق التي يفرضها القرار، قال شودري: “على سبيل المثال، نحن نعمل عن كثب مع مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في مدينة غزة، وهو المستشفى الذي يستضيف جناح الصدمات الطبية الذي تدعمه منظمتنا. فهل بموجب هذا التصنيف يصبح تعاملنا مع مستشفى الشفاء عملاً مع حركة حماس!”.
مخاطر تتعلق بالتعاملات المصرفية
أما القضية الأبرز التي أشار إليها كل من جهانغير محمد ونورد شودري، فهي تداعيات حظر حركة حماس على التعاملات المتعلقة بالحسابات المصرفية للجمعيات الخيرية العاملة في غزة.
وفي هذا السياق، قال شودري: “هناك مشكلة أخرى فيما يتعلق بعمل الجمعيات الخيرية، ومفادها أنه حتى في حال السماح بتقديم المساعدات، فإن البنوك ستعتبر تحويل الأموال إلى قطاع غزة نشاطاً شديد الخطورة”.
واستشهد شودري بـ”مخاوف مماثلة في أفغانستان حالياً، حيث أصبح بعض كبار مسؤولي طالبان المدرجين على قوائم الإرهاب أعضاء بارزين في الحكومة الآن”.
وبناء على ذلك، أضاف شودري أن “الحكومة ومفوضية العمل الخيري عليهما إعطاء توجيهات واضحة بشأن المساعدات الإنسانية لغزة وأفغانستان، وضمان ألا تُتهم الجمعيات الخيرية العاملة في مجال المساعدات الإنسانية بأن لها صلات بالعمل الإرهابي”.
في غضون ذلك، أكدت مفوضية العمل الخيري في بريطانيا لموقع MEE أنها لم تصدر توجيهات جديدة على إثر التشريع الجديد المتعلق بحظر حركة حماس.
ومع ذلك، قال متحدث باسم المفوضية: “يجب أن تمتثل جميع المؤسسات الخيرية للقانون، وتوضح توجيهاتنا أن المؤسسات الخيرية يجب ألا تتصرف بطريقة يمكن أن ينجم عنها استنتاج منطقي لدى أحد المواطنين بأنها أو القائمين عليها مرتبطون بمنظمة محظورة أو تروّج الإرهاب أو تدعمه”.
وأضاف المتحدث: “يسري هذا على جميع المؤسسات الخيرية، بصرف النظر عن المكان الذي تعمل فيه. لكن الجمعيات الخيرية التي تعمل في مناطق غير مستقرة أو شديدة الخطورة في الخارج قد تحتاج إلى اتخاذ خطوات إضافية لإدارة أي مخاطر قد تشير إلى ارتباطها بنشاط إرهابي أو منظمات إرهابية”.
وزارة الداخلية البريطانية ترفض التعليق
من جهتها، رفضت وزارة الداخلية البريطانية التعليقَ على ما أورده تقرير MEE، لكنها أحالت إلى التوجيهات الحالية لمفوضية العمل الخيري.
وقال هيو لوفيت، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن حظر الجناح السياسي لحركة حماس “يزيد المخاطر القانونية التي تتعرض لها الجمعيات الخيرية والعبء الإداري عليها عند العمل في غزة”.
وأشار لوفيت إلى أن كثيراً من منظمات المساعدة الإنسانية هذه، على اختلاف أماكن تسجيلها، كان يتعين عليها بالفعل التعامل مع متطلبات قوانين مكافحة الإرهاب الأمريكية، إضافة إلى المتطلبات التي وضعها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه.
وأضاف لوفيت: “حتى قبل أن تحظر المملكة المتحدة حركةَ حماس بالكامل وتصنِّفها إرهابية، فإن بريطانيا كان لديها بالفعل قواعد للحيلولة دون وقوع الأموال في أيدي من تعتبرهم جماعات إرهابية. لذا، فإن السؤال هو إلى أي مدى سيكون هذا الحظر فعالاً في الحد من العمليات المالية لحركة حماس”.