يفترش الأرض، مرتديًا ملابس متهالكة ومتسخة، ينظر بحيرة إلى الجميع، منتظرًا إغاثته، فهو يرقد منذ عدة أيام، بعد أن تخلى عنه أبناؤه، فلم يجد من يرعاه، فاختار البقاء في الشارع، متمنيًا أن يستطيع الوقوف على قدميه مجددًا، فبعد أن أنفق على أولاده وأتم رسالته على أكمل وجه، وانتظر منهم رد الجميل، لاقى نكران وجحود، وتهرب الجميع منه، وكأنه لم يعش يومًا معهم، ليشكو الله ذريته التي تعلمت الجفاء وقسوة القلب.
الحصاد المر
حجازي حسن محمد طه، عُرف بين الجميع بحسن الخلق وحبه لعمله في مجال المقاولات والإنشاءات، وكان يهتم بأبنائه كثيرًا، ولكن ما زرعه من الاهتمام والحب كان حصاده شوك وجحود ونكران للجميل، فبعد أن تعرض لحادث مرعب واستطاع النجاة ولكن بأثار صحية مدمرة، تخيل أن أولاده سيحتضنوه ويهتموا به ولكنهم رفضوا استلامه عقب خروجه من المستشفى ليجلس في الشارع، ويصبح مشردا بلا مأوى، يبكي متسائلًا: «من أين تعلم أولاده كل تلك القسوة».
يحكي المهندس محمود وحيد، صاحب مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان لـ«»، أنه تلقى بلاغ استغاثة لإنقاذ مشرد حالته الصحية غير مستقرة ويفترش الشارع وفي حاجة لرعاية عاجلة: «البلاغ جالنا في يوم 24 نوفمبر اللي فات وكان في منطقة بولاق التابعة لمحافظة الجيزة، ولما روحنا لقيناه نايم على الأرض وحالته صعبة، وفي آثار لعمليات قديمة، وعنده كسور ومحتاج رعاية فورية».
«حجازي» البالغ من العمر 60 عامًا، كان يعمل في مجال المقاولات وبسبب عمله تعرض لحادث وسقط من الدور الخامس أثناء تواجده في الإسكندرية، ليجرى نقله إلى المستشفى مصابًا بالعديد من الكسور في ساقه، وبعد أن كُتب له الخروج جرى نقله من هناك بسيارة إسعاف مجهزة إلى القاهرة إلى بيته ليفاجئ بأن أولاده رفضوا استقباله ولا يريدون رؤيته: «بالكشف الطبي عليه لقينا أنه عامل عملية في الساق اليمنى وعنده كسر في الساق اليسرى وشرخ بالحوض، إصفرار في العين، جروح سطحية متفرقة، انخفاض في ضغط الدم، قرح فراش بالظهر، وتم نقله إلى دار معانا لإنقاذ إنسان».
أمنيات «حجازي»: «محتاج حد من أولادي يكلمني»
حاول الرجل الاتصال بأولاده ولكنهم لم يسألوا عنه، فذهب إلى بيت شقيقه المتوفي ولكن زوجته العجوز رفضت استقباله ليعيش في الشارع منذ أسبوع، ولم يتصل به أحد: «هو قاعد معانا بس نفسه جدا أي حد من أولاده يحن عليه ويكلمه، هو عنده استعداد يرجعلهم».