«نفسي جوزي يعرف أني مقصرتش في حق ولاده بعد وفاته»، هذه الجملة هي شعار سيدة أربعينية تستقل دراجة نارية «تروسيكل»، محملا بأكياس من ملح الطعام، تقوم بالمرور على المحال التجارية وعرض بضائعها لتجني المال من أجل أبنائها، وهنا يراها الجميع سيدة مكافحة، ولكن تزداد القصة جمالا عندما تعلم أن تلك السيدة هي معلمة لغة عربية في أحد مدارس طنطا الابتدائية.
مني حمدي، سيدة أربعينية، تعمل مدرسة للغة العربية في إحد المدارس الابتدائية بمدينة طنطا محافظة الغربية، كانت تسير أمور حياتها بشكل طبيعي قبل وفاة زوجها، فقد كان يعمل تاجرا وموزعا لملح الطعام داخل مدينة طنطا، ولكن تغيرت الأوضاع منذ أربعة أعوام، بعد وفاة زوجها بيوم واحد جلست «منى» تفكر في المسؤولية الملقاة على عاتقها، فقد أصبحت هي المسئولة عن ثلاثة أبناء، اثنان في المرحلة الثانوية وطفلة في المرحلة الابتدائية، فلم تجد أمامها سوى أن تعتمد على مهنة زوجها، فقررت إعادة فتح متجره والعمل مكانه بعد وفاته بيوم واحد.
«منى» تفتح متجر زوجها وتجد نفسها أمام مهنة لا تعلم عنها شيئا
قرار «منى» في فتح متجر زوجها، كان وليد لحظات حزن وحيرة بشأن أولادها وتأمين مستقبلهم، مع أول لحظات لها في متجر زوجها، وجدت نفسها أمام مهنة لا تعلم عنها شيئا، «نزلت وأنا معرفش حاجة عن الشغل وخصوصًا جوزي كان بيشتغل لوحده»، بدأت في البحث أسعار البيع والشراء، ثم بعد ذلك بدأت بالمرور على المحال وعرض بضائعها عليهم، ولكن أثناء قيادتها للدراجة النارية، أصبحت تواجه مضايقات والمعاكسات من المارة في الشوارع، وفي بعض الأحيان كان يراودها الشعور بالخزي، ولكنها كانت تتحمل ذلك من أجل أبنائها، بجانب تحملها حرارة الصيف وبرودة الجو والأمطار في الشتاء.
«منى» تعمل لمدة 15 ساعة يوميًا
تبدأ «مني» يومها من الساعة السادسة صباحًا، فتقوم بإعداد وجبة الفطار بمساعدة أبنائها، ثم بعد ذلك تتوجه لعملها الأساسي بالمدرسة حتى الساعة الثانية عشر ظهرًا، وبعد انتهاء اليوم الدراسي تتوجه إلى متجرها، وتبدأ في تحميل البضائع والمرور على المحال داخل طنطا، وفي بعض الأحيان تقوم بالتوجه إلى المدن المجاورة لتوسيع تجارتها، انشغال المعلمة في عملها بالمدرسة وتوزيع البضائع لمدة تصل إلى 15 ساعة يوميًا، لم يمكنها من مراعاة شئون المنزل، ولكنها تعتمد على أبنائها.
في نهاية حديثها مع «»، توضح مدرسة اللغة العربية، أنها لم تكن تفكر في يوم العمل على «تروسيكل»، ولكن الظروف هي التي أجبرتها على العمل بهذا المجال الذي تعلمت فيه الحياة من زاوية آخرى، وتمكنت من تعليم أبنائها وحصولهم على شهادات عليا، «متصورتش في يوم أني اشتغل على تروسيكل، بس اكتشفت أن الستات تحت ضغط تقدر تشتغل كل حاجة»، لكن بعد تعب أربع سنوات من العمل والتجول بشوارع المدينة، تطمح في أن يصبح لديها سيارة صغيرة تعاونها على توزيع البضائع، وتحميها من حر الصيف وأمطار الشتاء.