أعلن وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي استقالته من منصبه في الحكومة، نتيجة الضغوط الكبيرة التي واجهها داخليا وخارجيا بعدما تسبب بأزمة بين بلاده ودول الخليج والسعودية تحديدا بعد التصريحات المتجنّية والاتهامات التي ساقها بحق المملكة والإمارات.
قرداحي الذي لم يخرج من عباة التباكي على ما اقترفته يداه، متنصلا من الأكاذيب التي نطقها لسانه، لم يجد بُدّاً من أن يكرر أسطوانته المشروخة بأنه لم يكن يقصد الإساءة، رغم تكشُّف سوءته الحزبية، وتأكيده في تصريحه لوسائل الإعلام بعد تقديم استقالته بأن قصته أصبحت معروفة وما من داعٍ لتكرار تفاصيلها.
وعطفا على دموع التماسيح التي ساقها في بكائياته، استغرب قرداحي الهجوم الذي شنته وسائل إعلام لبنانية وعربية، وكيف يُمكن أن يوصف حديثه الشهير بأنه جريمة في حق السعودية والخليج، ونسي أنه في ذات الوقت ضمن فريق حكومي يرتهن ويأتمر بأوامر حزب الله الحاكم الفعلي للبنان والمارق على الأعراف الدولية، والمهدد لأمنه وأمن واستقرار المنطقة، ويقتات على الإرهاب وإشعال الفتن والأزمات.
ولأن الزمان يدور دائما، أفاد قرداحي لوسائل الإعلام بأن استقالته جاءت بعد أن أصبح بقاؤه في الحكومة عبثياً، لأنه مطالب بالاستقالة من قِبَل رئيس الوزراء وبعض الوزراء في الحكومة، مشيرا إلى أنه أصبح من الواجب والأفضل أن يترك مجالا للمساعي الأخرى، وهذه «اللفظة العبثية» هي ذاتها التي أطلقها جزافا بإساءة متعمدة وممنهجة للسعودية والخليج، لترتد عليه بانتكاسة جعلته يعرف مقداره جيدا.
وعاد قرداحي في معرض ردوده على أسئلة الإعلاميين، ليؤكد المؤكد، وهو ما صرح به وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، بأن أزمة العلاقات بين السعودية ولبنان تتجاوز تصريحات جورج قرداحي، بل إن القضية متعلقة بسيطرة حزب الله على الحكومة في لبنان.
وفي حديثه عن الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السعودية، وأنه فهم من رئيس الحكومية اللبنانية نجيب ميقاتي بأن الفرنسيين يرغبون بأن تكون هناك استقالة تسبق الرئيس ماكرون إلى الرياض وتساعد على فتح حوار مع المسؤولين السعوديين حول لبنان ومستقبل العلاقات السعودية اللبنانية، نسي قرداحي بل تناسى عمداً وجهلاً في آن أن السعودية هي صاحبة القرار أولاً وأخيراً، ولا ترتهن لإملاءات الآخرين، وسيادتها المقدسة أكبر من أن يمسها أي طرف، فحين تقرر السعودية أن من مصلحتها إعادة العلاقات مع أي دولة، فإنها ستتخذ قرارها بقناعتها الأصيلة وقوتها الكاملة ووفق مصالحها، لا وفق مصالح غيرها، ولا غرابة بأن لا يفهم قرداحي هذه السيادة التي عجز عن استيعابها، ففاقد الشيء لا يعطيه، واستقلالية القرار أمر يصعب عليه فهمه، بل لا يعي أبجدياته.
ولأن حكمة الموقف السعودي دائما ما تسبق الاتهامات الكاذبة، فمهما حاول أن يظهر قرداحي ببطولية زائفة بزعمه الحفاظ على مصالح اللبنانيين في السعودية والخليج، إلا أن تصريحاته البائسة لن تغير من الموقف قيد أنملة، فمنذ لحظة إعلان السعودية طرد السفير اللبناني، أكدت في ذات البيان الصادر في 29 أكتوبر الماضي أنها حريصة كل الحرص على اللبنانيين المقيمين في المملكة الذين تعتبرهم جزءاً من النسيج واللحمة التي تجمع بين الشعب السعودي وأشقائه العرب المقيمين في المملكة، ولا تعتبر أن ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبراً عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة والعزيزة على الشعب السعودي.