هل من دورة جديدة للاسلام السياسي ؟ محسن ابو رمضان

وصف  العديد من المراقبين ان ماحدث في سوريا من سقوط لنظام بشار الأسد وتسلم هيئة تحرير الشام لمقاليد السلطة بانة زلزال ودار الحديث عن ابعادة وارتداداتة .
واذا كان هناك من لا يأسف علي حكم نظام الأسد الذي اشتهر بقمع الحريات وبالاستبداد .
فإن هناك حالة من الحذر والترقب للهيئة الجديدة والتي هي نابعه من جذور حركات الإسلام السياسي.
واضح ان أداء قادة الهيئة يحاول ان يعطي انطباعا بانة يسير وفق منظور الإسلام المعتدل خاصة في ظل تأثيرات تركيا علية وهي محكومة اي تركيا  بنظام من الإسلام السياسي يتسم بالاعتدال وباستمرار الحالة العلمانية بالمجتمع كما يتسم بالبرغماتية السياسية علي مستوي العلاقات الخارجية وديمومة التحالف والعضوية بحلف الناتو .
تزايدت الاسئلة علي النظام الجديد في سوريا بعد الانفتاح الواسع من معظم بلدان العالم علية سواء البلدان الغربية ام البلدان العربية.
جاء هذا الانفتاح الكبير بعد زيارة وفد أمريكي رفيع المستوي للنظام الجديد .
شجعت الولايات المتحدة حراكات مايسمي (بالربيع العربي ) التي جرت بالبلدان العربية بما في ذلك صعود تيار الإسلام السياسي المعتدل لسدة الحكم .
كانت الخطوط الحمراء بالنسبة للولايات المتحدة انذاك تكمن بالحفاظ علي مصالحها الحيوية والاستراتيحية وخاصة النفط وكذلك   ضمان أمن إسرائيل.
لم تنجح تجارب حركات الإسلام السياسي والتي تسلمت مقاليد السلطة في بعض البلدان العربية علي اثر حراكات(الربيع العربي) وذلك للعديد من الأسباب أبرزها الرغبة بالسيطرة والاستحواذ وفرض منظومة مفاهيمية تتعارض مع فلسفة المواطنة المتساوية والمتكافئة والدفع باتجاة اعتماد ايدولوجية اصولية لا تستقيم مع منظور الحداثة والعلمانية التي استمرت تركيا بتبنية بالرغم من سيطرة الإسلام السياسي علي مقاليد السلطة بها .
لقد ادت عملية السيطرة الشمولية السريعة علي بنية ومفاصل الدولة وكذلك محاولات تغير نمط الحياة الاجتماعية واستبدالة بمنظور ثقافي ومفاهيمي اصولي  الي رفض قطاعات واسعة من الشعب  لحكمها خاصة في ظل مجتمعات تتسم بالتعددية السياسية والطائفية .
لقد ادت محاولات الحسم السريعة الي سرعة فشل التجربة واسقاطها .  
ان نجاح هيئة تحرير الشام ذات الجذور النابعة من حركات الإسلام السياسي باستلام الحكم بسوريا وحالة الوسطية التي تبديها الي إثارة العديد من الأسئلة بما يتعلق باحتمالية وجود دورة جديدة لهذة الحركات بالبلدان العربية .
لقد برزت العديد من الأسئلة تجاة الهيئة وذلك كنتاج لادائها علي المستويات السياسية والحقوقية .
فالي اي درجة يمتلك النظام الجديد حالة من الاستقلالية في ظل وضوح التأثيرات بل الهيمنة التركية علية .؟
ولماذا لا يوجد موقف صارم تجاة قيام إسرائيل بالاعتداءات علي مواقع واليات الجيش السوري؟ وكذلك قيامها باحتلال قمة جبل الشيخ وانهائها لاتفاق الهدنة وصولا الي احتلال مساحات واسعة من الاراضي السورية.؟
وماذا بشأن هوية سوريا هل سيتم استبدالها بالهوية الإسلامية بدلا من الهوية العربية.؟
وكيف سيتم الحفاظ علي وحدة الأرض السورية في ظل التواجد العسكري لكل من اميركا وتركيا وإسرائيل علي الأراضي السورية.؟
وما هو شكل العلاقة مع الطوائف والاعراق الاخري .؟
وهل سيتم تبني فكرة المواطنة بالدستور الجديد الذي من الهام ان ينتج عن الحوار الوطني الشامل الذي يجري الاعداد لة من الهيئة ؟.
ومتي ستتم الانتخابات ام سيتم تأجيلها لاشعار اخر بذرائع مختلفة؟ .
تكمن الخطورة بتصريحات رئيس الهيئة احمد الشرع بتركيزها علي إيران واعتبارها انها العدو المركزي لسوريا بالوقت الذي يتم تجاهل إسرائيل ومن خلفها اميركا بوصفهم الأعداء الحقيقين للعرب الي جانب العلاقة العضوية مع تركيا بحيث بات النظام الجديد مرتبط عضويا بة بما يشي بمخاطر التبعية   وذلك   علي الرغم من اعلان تركيا عن طموحاتها واهدافها بسوريا وخاصة في حلب .
لم تعط تجربة حكم الهيئة بحلب قبل سقوط نظام الأسد مؤشرات إيجابية علي طبيعة الحكم خاصة أن معظم قادة الهيئة والشخصيات التي كانت تدير ملفات في حلب لصالح الهيئة يتسموا بالتعصب والتشدد علما بأن ادارة إقليم يختلف عن ادارة دولة .
تحاول إسرائيل استغلال ما حدث في سوريا لتثبيت نفوذها وفق مقولة الشرق الاوسط الجديد وهي تعمل علي تعزيز التناقضات الطائفية والعرقية وتحاول الولايات المتحدة استخدام ورقة ما حصل بسوريا لابتزاز بلدان المنطقة بهدف ضمان مصالحها الحيوية والاستراتيحية  .
لا تهتم كل من اميركا وإسرائيل بكيفية ادارة الحكم ووفق اي منظور فكري او سياسي وما يهمها عدم مقاومة هيمنتها ومخططاتها بالمنطقة.
وعلية فقد بات مطلوبا تحقيق حوار شامل علي المستوي العربي يضم كافة التيارات علي اختلاف مشاربها الإسلامية والقومية واليسارية بهدف منع مخططات التجزءة والتفتيت الجغرافي وللحيولة دون توظيف التناقضات بين المكونات السياسية والمجتمعية لتحقيق مخطط الشرق الاوسط الجديد الذي يهدف الي اخضاع المنطقة لصالح دولة الاحتلال. 
انتهي.