حسب اتفاقية أوسلو؛ تم تقسيم المناطق في الضّفّة الغربية المحتلة من فلسطين) إلى ثلاثة أنواع؛ ( الألف..A)؛ تتبع إداريًا وأمنيًا- ظاهريًا- للسلطة الفلسطينية. مناطق( الباء..B)؛ تتبع إداريًا للسلطة الفلسطينية وأمنيًا لقوات الإحتلال. ثالثة الأثافي، الغول الذي يأكل الأرض وما عليها؛ مناطق( الجيم…C)، ويئنّ تحتها حوالي ثلثي أراضي الضّفّة الحزينة؛ وتتبع إداريا وأمنيًا أكلًا شربًا واستيطانًا لقوات الإحتلال وسلطته.
في نابلس تمامًا كما في أخواتها من مناطق الضّفّة؛ تنتشر مناطق الجيم، حول المدينة بل في وسطها وتنوء بها الجبال من حولها خاصة عيبال وجرزيم. نظرًا لابتعاد الناس عن الإستثمار في مناطق هذه الجيم؛ ونظرًا للتطور الحاصل مع الزّمن وازدياد عدد السكان بفعل الولادة والتكاثر، ونظرًا لكبر العائلة ووصول الشّباب لسن الزواج، وما يتطلبه ذلك من بيت مستقل للزوجين، إضافة لضيق المنزل الذي يزداد ضيقًا كلّما كبر الأطفال وازدادت احتياجاتهم؛ فقد اضطر القوم إلى الإتجاه خارج المدينة بحثًا عن مناطق الألف والباء في القرى المجاورة، خاصة أن مناطق كهذه في المدن قد وصلت حدًا عاليًا من الأسعار لقلتها، إضافة إلى تمنع مناطق الجيم الواسعة عن الإستجابة لاحتياجاتهم، و((لعدم قيام البلديات بفتح شوارع في العديد من مناطق الألف والباء ضمن المدينة وقريبًا منها )!!!.
نتيجة لذلك انتشرت المباني ذات الأدوار العالية على الجبال فشوّهتها ومنعت منظر الأفق بل والهواء عن الكثيرين من القاطنين في هذه العلب الكرتونية بل الأقفاص الحجرية بعضها يحجب بعضًا. أصبحت نابلس المدينة؛ بلا جبلين يزينها شجر الصّبر والسرو والصنوبر بل يشوهها أصنام من حجر لا تسمع لا تخشع.
أما ما حول المدينة من قرى وخارجها؛ فقد استثمر تجار العقار من أهل المدينة والوسطاء فيها، فانتشر الوباء العمراني العلبي إلى الأراضي الزراعية والجبال الجميلة فيها، فامّحت الريفية عنها والبراءة الطفولية في وقت مبكّر. بل وانتشرت فيها المطاعم والمقاهي بأعداد كبيرة، ووصلت أسعار الدونم الواحد فيها إلى ما يزيد عن مليون دينار بينما أسعار الأراضي في المدينة أقل من ذلك بكثير بل وضمن المناطق الألف والباء والتي لم تقم البلدية بفتح شوارعها على جبل عيبال وفِي شرقها وشمالها. الأراضي لا بناء فيها وعرضة لكل من هب ودب للإستيطان فيها.
لم يعد هناك أرياف، لم تعد هناك مساحة يرتاح فيها سكان المدن بين مدينتهم والقرى حولها خاصة في الغرب منها كما اعتاد الآباء للسيران مع عائلاتهم أيّام العطل. لم يعد الفلاح يجد ما يفلحه، بل لا جدوى من شجر الزيتون لقاء دنانير يجمعها من زيتها مقابل ملايين كأثمان الأرض!!. أصابها وباء اكتظاظ المدن. عمّ دمار انتشار البناء الكرتوني العلبي والمقاهي في الأراضي البراح…شوّهتها وقضت عليها.
هو ليس التطوّر، ولا التقدّم، هو التخبّط وسوق القوم في اتجاه واحد بشكل يستنزف أموالهم و..بما لا يفيد سوى من يعمل في العقار من وسطاء وتجار أثروا على حساب القوم والقضية.
نناشد ((البلديات)) القيام بفتح الطرقات في كافة مناطق المدن حماية لها، ولتمكين السكان من الإستثمار قريبًا من مدنهم بل وفيها حيثما تيسّر. كذلك لإيقاف غول الملايين في أسعار الأراضي في اتجاهات معينة يدفعهم إليها من وراء الستار منتفعون كُثُر. كذا مثل هذه المسارات ستؤدي إلى إفراغ المدن من سكانها وما في ذلك من خطر كبير عليها وسط التغوّل المحيط بها والذي ينتظر الإنقضاض عليها، خاصة المناطق الفارغة وغير المأهولة فيها سواء ألف باء أو جيم.
كاتب فلسطيني
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0