على رصيف أحد شوارع الدقي، يجلس «نادر» حزينًا حائرًا لا يعلم من يستحق أن يصب عليه فيض لومه، والداه اللذان بدلًا من أن يتعاملا بشكل لائق مع إصابته بكهرباء زائدة في المخ، راحا يكيلان له الضربات التي تسببت في دخوله في حالة نفسية ينتج عنها الغضب والاندفاعية من وقت لآخر، أم زوجته وأبنائه الذين لم يتحملوا عصبيته التي ليس له دخلا فيها وطردوه من البيت.
بائع سبح
يحكي نادر رمضان، 43 سنة، من أبناء حي بولاق أبو العلا بمحافظة القاهرة، في حديث لـ«»، أنه كان يعمل في بيع السبح، وأنه يشتريها من أمام مسجد «سيدنا الحسين» ليبيعها في شوارع الدقي: «مراتي قبل ما إتجوزها كانت متجوزة وكان عندها ابنين عمر وماجدة، ولما إتجوزتها عمر راح عاش مع أبوه وأنا خدت ماجدة ربيتها وكانت وقتها لسه عندها 15 يوم».
أنجب «نادر» 4 أبناء من زوجته، والتي كانت تعمل أيضًا بائعة في الشارع: «أبويا وأمي كانوا بيضربوني على دماغي وأنا صغير وده زوِّد عندي الكهرباء الزايدة في مخي وتسبب في دخولي في حالة نفسية بتعملي حالة غضب واندفاعية.. بتعالج منها من 23 سنة بس العلاج مش جايب معايا نتيجة»، هكذا قال «نادر»، الذي يتمنى لأول مرة في حياته الشر والأذى لوالديه بسبب ما فعلاه به، وهو ما لم يتوقع أن يصدر عنه في يوم من الأيام.
الزوجة تطلب
بسبب حالة العصبية الشديدة التي تنتاب «نادر» بين الحين والآخر، ملّت زوجته الحياة معه ولم تعد تتحملها مما دفعها في النهاية إلى طرده من البيت: «أخت مراتي كانت جاية تزورنا في البيت ولما لقتني إتعصبت على بنتي الصغيرة وضربتها راحت ضربتني وكسرت عليا المواعين وطردوني كلهم من البيت وبعدها مراتي طلقتني».
«نادر»: ماجدة هي اللي بتسأل عني
لم يجد بعد طرده مَن يحنو عليه سوى ابنة زوجته «ماجدة» صاحبة الـ 15 عامًا، والتي تعتبره أنه والدها وليس زوج أمها: «ماجدة بس اللي بتسأل عني وهي اللي لما لقيتني في الشارع فضلت تتحايل على أمها علشان توافق أرجع البيت وبعدها رجعوني عشت في بيت حماتي شوية، وكانوا واعدني أنها هترجع تاني على زمتي في أول شهر 12 بس مرجعوهاش».
أثناء وجود «نادر» في منزل حماته تصادف ذات مرة وجود طليقته في نفس الوقت والتي لسببٍ ما سقطت على الأرض ليُسرع هو إليها ويأخذ بيدها يُنهضها ومن ثم يُقبل رأسها، ليتفاجئ بما لم يكن في الحُسبان: «عمر ابن طليقتي جه إشتغل ضرب فيا وبعدها أدوني بطاطين وطردوني من البيت.. طليق مراتي كان باعت ابنه عمر لما كِبر يعيش مع أمه علشان يعمل مشاكل بيني وبينها وترجع له تاني».
«نادر»: عيالي بيجوا لي أديهم مصروف
4 أيام هي فترة تواجده في الشارع منذ طرده، يجلس فيها منتظرًا من يتعطف عليه بببضعة جنيهات يُقدمها كمصروف لأحد أبنائه إذا أتى لزيارته في الشارع: «ابني الصغير مصطفى بيجي لي اديله اللي ربنا بيكرمني به، وبرضو ماجدة بنتي بتجي لي كل يوم وبديها مصروفها»، بحسب «نادر»، والذي لم يتمنَ شيئًا سوى أنه يساعده أحد على الرجوع لزوجته ولمَّ شمل أسرتهم مرة أخرى: «أنا مش عايز ولا فلوس ولا بيوت.. أنا مش عايز غير مراتي وعيالي».