كعادته كل يوم في تمام السادسة صباحًا تجده بكل نشاط يفترش على الأرض، ليضع أدواته بجانبه في انتظار زبونه الأول ليبدأ في تلميع حذائه ويجعله مهندم، فمنذ ما يزيد عن 15 عامًا في كل صباح تجد «عم منصور» جالسًا بجانب محطة مترو الدقي يعمل بمهنته رغم كبر سنه وتعبه، إلا أنه لم يمل من العمل بها مهما طالت السنوات بجانب رفقائه «فرشته وصندوقه الخشبي».
منصور محمد المهدي، صاحب الـ70 عاما الذي يمتهن تلميع الأحذية في شوارع المحروسة، اتجه للعمل بتلك المهنة بعد أن جار عليه الزمن في مهنته السابقة وهي قهوجي، المهنة التي عمل بها في شبابه لكن لم تعيله في كبره، فبدأ بالبحث عن مهنة جديدة تسانده وتكون مصدر رزق له في أيامه الحالية، فأتجه إلى تلك المهنة واستمر في العمل بها، لتكون عكازه الذي يستند عليه في تلك الأيام ليعبر بها إلى بر الأمان من متطلبات لمنزله وحياته ويكون قادرا على جمع قوت يومه.
صعوبات «عم منصور» مع مهنته
يصف ماسح الأحذية، ابن القاهرة لـ«»، مهنته بالشاقة خاصة في تعامله مع الزبائن من مختلف الطبقات والأنماط الفكرية: «مهنة صعبة ومتعبة بالذات في تعاملنا مع الناس، لأنها مهنة تحتاج صبر وطول بال، ده غير أنك لازم تفهم الزبون محتاج إيه بالضبط في جزمته، كل ده يتعبك ده غير أني كبير في السن وتعبان بس مجبر تتعايش مع شغلك عشان تكفي مصاريفك».
سر المهنة
لم يكن «منصور» بالرجل الناقم على مهنته فهي رغم صعوبتها إلا أنها مهنة ونيسة صادقة، ولتكسبها عليك معرفة مفتاحها والاحتفاظ به، ألا وهو الصبر وراحة الزبون بتلبية طلباته بحذائه، فهي مهنة ما زالت مستمرة بالرغم من البدائل إلا أنه ما زال يملك زبونه الذي يتوافد عليه يوميًا ليلمع له جزمته، ولا يخلو الأمر من وجود زبائن متعبة خاصة المتكبر الذي ينظر لمهنته بتكبر، إلا أن عم منصور عرف جهورها وهو الصبر وهو أفضل حل مع تلك النوعية من الزبائن.
قول للزمان ارجع يا زمان
«زبون زمان يفرق عن زبون دلوقتي كان فيها خير وتعامله كان أفضل والناس كانت بتحب بعض دلوقتي مفيش حد بيحب حد»، بكلمات بسيطة أجرى «عم منصور»، مقارنة بسيطة ما بين الزمن الجميل والوقت الحالي، خاصة بسبب قربه من التعامل مع الأشخاص سواء في مهنته القديمة أو الحالية ففي تلك الحالتين تعرف على طباع الكثير، لينهي حديثه بـأنها مهنة مرهقة لا يرغب في توريثها لأبنائه، هي بكل بساطة أغنية أم كلثوم «إنما للصبر حدود».