قاتل الشتاء الصامت!

يحاصر ضحاياه بصمت؛ ليطبق عليهم دون أن يشعروا به، فيتركهم صرعى أو مصابين بتلف الدماغ، إنه القاتل الصامت، الذي يتسلل لضحاياه بلا لون وبلا رائحة، ويؤثر على خلايا المخ ويؤدي إلى خمول وتثاقل يعجز فيه مستنشق غاز أول أكسيد الكربون عن القيام أو الوقوف أو حتى طلب الاستغاثة.. يسقط ميتاً خلال دقائق.

وفي كل عام مع اشتداد برد الشتاء تتصاعد التحذيرات من القاتل الصامت، وتنبه من الانخفاض في درجات الحرارة ما يدفع الكثير إلى استخدام الحطب والفحم للتدفئة وآخرون للتمتع بمنظرها، دون أن يدركوا أن ما ينتجه من غاز أحادي أكسيد الكربون هو «غاز سام وغير مرئي وعديم الرائحة» وقد يسبب الوفاة للنائمين.

وتكثر حالات التسمم بغاز أول أكسيد الكربون حول العالم، خصوصاً في الشتاء عندما تكون منافذ التهوئة في المنازل مغلقة، الأمر الذي يستدعي المزيد من التوعية والانتباه إلى كيفية استخدامها وتصريف ما ينتج عنها، فأول أكسيد الكربون مادة كيميائية تنتج من الاحتراق غير الكامل للغاز الطبيعي أو المنتجات الأخرى المحتوية على الكربون مثل الحطب أو الفحم.

ووصف خبراء الدفاع المدني، غاز أول أكسيد الكربون، بأنه غاز سام عديم الرائحة وعديم اللون ومن المستحيل رؤية الأبخرة السامة أو تذوقها أو شمها، فيمكنه قتل الشخص الذي يتعرض له قبل أن يدرك وجوده في المنزل أو يشعر به، وتختلف آثار التعرض لغاز أول أكسيد الكربون بين الأشخاص حسب عمر المصاب، وحالته الصحية، وفترة التعرض للغاز.

الدفايات الكهربائية لا تقتل

استشاري أمراض القلب وقسطرة الشرايين والتصوير النووي والطبقي الدكتور خالد النمر، قال: إن الدفايات الكهربائية والمكيفات لا تُطلق غاز أول أكسيد الكربون، ولا تسبب الوفاة، وأن التسمّم يحدث فقط من احتراق الحطب في مكان مغلق دون تهوية. مشيراً إلى أن التدفئة بالحطب لا تضر إذا كان المكان مفتوحاً للهواء الطلق، أو كان المكان مُغلقاً بشرط أن يحتوي على أجهزة تهوية شفط فعّالة في المشبّ. وأفضلها ما كان معزولاً بحيث تستفيد من الحرارة ولا تتعرض للدخان نهائيّاً.

وينبّه الأطباء أنه عند استنشاق أول أكسيد الكربون، يحل مكان الأكسجين في مجرى الدم. وتختلف الأعراض من شخص لآخر، فالأشخاص المعرضون لخطر كبير هم الأطفال وكبار السن والمصابون بأمراض الرئة أو القلب، والأشخاص الموجودون على ارتفاعات عالية والمدخنون.

لا لون.. لا رائحة

أكدت المديرية العامة للدفاع المدني، ضرورة اتباع إرشادات وتعليمات السلامة عند استخدام الفحم والحطب للتدفئة، وشددت على أهمية إطفاء النار الناتجة عن الفحم والحطب عند الخروج من المنزل والحذر من النوم أثناء اشتعالها؛ فاحتراقه ينتج غاز أول أكسيد الكربون، الذي يسبب الاختناق والموت عند إشعالها في الأماكن المغلقة، ودعا الدفاع المدني إلى مراقبة الأطفال ومنعهم من الاقتراب أو العبث بها.

وكشفت المديرية، أن التقارير الصحية، تؤكد أن غاز أول أكسيد الكربون، ينتج عن الفحم عند إشعاله، وهو بلا لون وبلا رائحة، ويؤثر على خلايا مخ الإنسان بعد استنشاقه ويؤدي إلى خمول وتثاقل يعجز فيه مستنشقه عن القيام أو الوقوف أو حتى طلب الاستغاثة وقد يسقط ميتاً خلال دقائق.

أبعدوه عن المفارش

أوضح الدفاع المدني، أن إشعال الفحم أو الحطب يجب أن يتم في الخارج بعيداً عن المواد سريعة الاشتعال؛ كالفرش أو الملابس أو رواق المخيمات، وعدم إشعالهما في الأماكن المغلقة، خصوصاً عند اشتداد الهواء أو الرياح تجنباً لخطورة تبدد الشرار وارتفاع ألسنة اللهب وحدوث حريق، وبينت أنه في حالة إدخال الفحم أو الحطب إلى المكان المراد تدفئته تفتح النوافذ والأبواب لمرور تيار الهواء النقي لتفادي الاختناق أو التسمم بغاز أول أكسيد الكربون، وأن يتم التأكد من إطفائهما عند النوم. ونبهت إلى ضرورة التأكد من إطفاء مخلفات الفحم أو الحطب تماماً قبل رميها في صناديق النفايات ومنع الأطفال من الاقتراب أو العبث بها.

الدفاع المدني: اتبعوا الإرشادات

ودعت المديرية العامة للدفاع المدني، إلى اتباع إرشادات وتعليمات السلامة المعلنة عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، والاتصال بالرقمين (911) في مناطق الرياض ومكة المكرمة والشرقية، و(998) في بقية مناطق المملكة لطلب المساعدة على الحالات الطارئة.

تحذير من مولدات الديزل

حذّر الخبير الأمني مدير الدفاع المدني بمحافظة جدة سابقاً اللواء متقاعد عبدالله جداوي، من استخدام الحطب والفحم في المنازل أو الخيام وبيوت الشعر أو الأماكن المغلقة، منبهاً أنه تتراكم مستويات غاز أول أكسيد الكربون المميتة في هذه المناطق وقد تستقر لساعات، حتى بعد إخمادها فتضر مستنشقيها؛ لذا يجب الاهتمام بالتهوية وعدم إغلاق النوافذ والأبواب عند إشعالها أو بعد إخمادها.

وأوضح أنه يظهر في الشتاء شبّة النار، فهي فاكهة الشتاء، ومن العادات المحببة للأنفس وهي ما تستدعي معرفة كيفية الاستمتاع بها دون خطر أو عواقب قد تكون قاتلة، فعملية احتراق الحطب والفحم تنتج أول أكسيد الكربون الذي يتصاعد من الخشب والفحم فتظهر أعراض يعتقد البعض أنها نتيجة مرض يعاني منه الشخص، غير أن الحقيقة هي تتمثل في إصابته بالصداع والدوار والغثيان والتقيؤ وآلام الصدر وفقدان الوعي، وقد تؤدي إلى الوفاة دون أعراض مسبقة.

واختتم اللواء متقاعد جداوي، أن الخطر ليس حكراً على الفحم والحطب، بل يجب التنبه من المولدات التي تعمل بالمواد البترولية من ديزل وبنزين، فهي من أبرز مصادر غاز أول أكسيد الكربون؛ لذا ينصح دوماً بأبعادها عن مواقع الجلوس ووضعها في الهواء الطلق.

كيف تسعف المصاب؟

نبهت وزارة الصحة، إلى طريقة إسعاف المصاب وأكدت ضرورة إبعاده عن مصدر الغاز، والاتصال بالإسعاف، وطالبت بوجود منفذ لخروج الدخان وعدم إغلاق مصادر التهوية؛ لتفادي خطورة التسمم بالغاز. وأشارت إلى أن غاز أول أكسيد الكربون غاز سام عديم الرائحة وعديم اللون، نظراً لأنه من المستحيل رؤية الأبخرة السامة أو تذوقها أو شمها، وتختلف آثار التعرض لغاز أول أكسيد الكربون بصورة كبيرة من شخص لآخر استناداً إلى العمر، والصحة العامة، ومدى تركيزه، وطول مدة التعرض له.

وأوضحت وزارة الصحة، أن التأثيرات الحادة تحدث نتيجة تكون (كربوكسي هيموجلوبين) في الدم، الذي يعيق استنشاق الأكسجين، وعند التركيزات المنخفضة يتسبب في الشعور بالإرهاق لدى الأشخاص الأصحاء وألم في الصدر لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، وعند التركيزات المرتفعة يتسبب في ضعف البصر وضعف تنسيق العين، والصداع، والدوار، والتشوش، والغثيان، ويمكن أن يسبب أعراضاً تشبه أعراض الإنفلونزا التي تختفي بعد الخروج من المنزل، كما أنه مميت عند التركيزات المرتفعة للغاية.