01:17 ص
السبت 11 ديسمبر 2021
تحتل ذكرى ميلاد الأديب العالمي نجيب محفوظ، التي توافق اليوم السبت، اهتماما خاصا، كونها الذكرى الـ110 للروائي العربي الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل للأدب عام 1989م، وترجمت أعماله إلى أكثر من 33 لغة.
دخل محفوظ عالم الكتابة عام 1932، حين ترجم كتاب “مصر القديمة” للكاتب البريطاني جيمس بيكي، ومنها توجه إلى كتابة الرواية التاريخية في نهاية الثلاثينيات وأصدر في السنوات التالية ثلاث روايات استلهم فيها جوانب من مصر الفرعونية هي «عبث الأقدار» و«رادوبيس» و«كفاح طيبة»، واستمر في العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه في الوظيفة العامة، وبدأ محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية وأنتج منها أعظم روايات ما زال الجمهور المصري والعربي يكتب لها الخلود حتى الآن.
ورغم نزوع محفوظ إلى الواقعية الاجتماعية، مثل روايات “بداية ونهاية، وثلاثية القاهرة”، والرمزية في رواياته ” الشحاذ، وأولاد حارتنا”، إلا أننا نجد العديد من أعماله التي قام خلالها بتوظيف الكائنات الخارقة، في البناء القصصي لأعماله.
وحاولت الباحثة دينا دياب خلال رسالة الماجستير التي ناقشتها مؤخرا بالمعهد العالي للنقد الفني، إلقاء الضوء على مفهوم الجن والعفاريت والمردة والشياطين في أذهان شخصيات نجيب محفوظ الروائية وأعماله الأدبية، والتى ترسم لنا صورة للواقع الذي كانت تعيشه الذهنية المصرية وقت كتابة هذه الأعمال، من حيث فاعلياتها وتحكمها في التكوين النفسى للفرد والمجتمع.
وتشير الباحثة إلى أن اختيار هذا الموضوع جاء رغبة في التعرف على مفهوم الكائن الخارق ولمس التحرر في الكتابة من خلال توظيف محفوظ لمفهوم الكائنات هروبا للرمزية التي لجأ لها نتيجة ظلم اجتماعى أو سياسى، وكذلك توظيفه للكائن كبطل لرواياته الذي تحول من بطل كلاسيكى لمارد وجن وعفريت وشيطان يمتلك قدرات خارقة، وكلك التحرر من قبضة الأسس التي تسيطر على العمل الأدبى.
وتؤكد خلال فصول الدراسة، أن الأدب القصصى لدى نجيب محفوظ احتوى على عدد كبـير من المـوروث الشـعبي تمثـل في المعتقـدات والمعـارف الشـعبية، مثـل الإيمـان بالأوليـاء، والكائنـات الخارقة، والسـحر،والطب الشـعبي، والأحـلام، والعادات والتقاليد الشعبية ودورة حيـاة الفـرد، وعلاقـة الفـرد بـالمجتمع وغــير ذلــك، واستخدم محفوظ الكائنات الخارقة للقدرة على توظيف المتخيل الشعبي والخرافي والاستلهام من القصص القرآني والديني، إضافة إلى براعة استخدام اللغة والمنجز الصرفي، والدمج المحكم للغة العلوم والاستفادة من المخترعات التكنولوجية (الدقيقة والإنسانية) وإخضاعها لقوة الخيال، والتمرس في وضع الألغاز وحلها، كل ذلك المزيج الفائق التعقيد يوضحه استخدام الكائن الخارق في قالب واحد هجين.
كما تشير إلى أن النصوص المحفوظية اتكأت فى تشكيل البعد العجيب والخارق على جمله من العناصر والموضوعات الحكائية المستمده فى أغلبها من تراث المتخيل العربى بالدرجة الأولى، لاسيما متن الليالي “ألف ليلة وليلة ” الغزيرة بمادة الخوارق، ومحكى الرحلة وعوالمها العجيبة، والحكاية الشعبية بمختلف تجلياتها الرمزية والأسطورية.