لندن.. عاصمة أوميكرون والسيناريوهات المخيفة

أضحى كوفيد بكل سلالاته من ألفا إلى دلتا، ثم أوميكرون كابوساً داهماً لمن يعيشون في بريطانيا. فهو وحده الخبر الذي تنبثق منه الأخبار، والتحليلات، والسيناريوهات. لا أحد يملك الحقيقة المطلقة. لكن الأرقام تتحدث عن نفسها بقوة لا تُضاهى. الحكومة والمعارضة والصحافة والسياسة تتقاذفها رياح الوباء العاتي، الذي يتزامن مع شتاء ستنحسر درجة حرارته بعد غد إلى ما دون الصفر. تقول الحكومة البريطانية ما تقول؛ لكن حياة السكان على المحك. فقد ضربت سياساتها الوبائية البريطانيين في أعزّ ما يملكون: السفر للعطلات في الأماكن الدافئة، هرباً من زمهرير الشتاء؛ والاحتفال بأعياد الميلاد، وفوضى حفلات رأس السنة الميلادية. يستطيع البريطاني أن يتقبل كل شيء، حتى لو كان سيدفع حياته ثمناً. لكنه سيتحسر حتى الموت لو تم منعه من السفر للعطلة، أو حظر عليه الاجتماع بأحبائه للاحتفال بعيد الميلاد وإطلالة السنة الجديدة. أرقام بريطانيا غدت مفزعة حقاً: فقد أعلنت وزارة الصحة البريطانية أمس أنها سجلت 90418 إصابة جديدة خلال الساعات الـ 24 الماضية؛ فيما يقترب عدد وفيات بريطانيا بوباء كورونا من 150 ألفاً (147173 وفاة حتى الأحد). وغدت لندن عاصمة الضباب والسياحة والتنوع العرقي بؤرة لسلالة أوميكرون المتحورة وراثياً؛ حتى أن عمدتها صادق خان أعلنها الليل قبل الماضي مدينة منكوبة بـ «خطب جلل» Major incident. وهو تعبير قانوني يقصد به وقوع حادثة أو حالٍ ستترتب عليها تبعات جمّة، تتطلب ترتيبات خاصةً تقوم بتنفيذها جهة أو أكثر من الوكالات المعنية بالتدخل في حالات الطوارئ. وهي «حالة خارج نطاق السير المعتاد للعمل، ومن المحتمل أن تنطوي على إحداث ضرر كبير، أو أذى، أو تشويش، أو مخاطر على حياة الإنسان، ورفاهيته، وعلى الخدمات الضرورية، وبيئة الأمن الوطني»، بحسب بيان حكومي أمس. وقال العمدة صادق خان في بيان إن ارتفاع عدد الإصابات الجديدة بأوميكرون في جميع أرجاء العاصمة البريطانية «أمر يثير أكبر قدر من القلق». وأشار إلى أن أوميكرون هيمنت بشكل سريع جداً على المشهد الصحي في لندن. وأضاف أن عدد حالات التنويم في مشافي لندن آخذ في الارتفاع. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن لندن مُنيت بـ 65525 إصابة جديدة خلال الأيام الـ 7 الماضية، منها 26418 حالة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وذكرت الأرقام الحكومية أن التنويم في مستشفيات لندن ارتفع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 29%.

وبالطبع فإن أوميكرون هي في المقام الأول صداع حاد لرئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون، الذي لا يعرف ماذا عليه أن يفعل؛ إذ إنه في وضع لا يحسد عليه من شدة الضغوط. فهناك علماء اللجنة الحكومية التي تقدم المشورة لحكومته. وهم يتمسكون بأنه ما لم يعلن في الحال منع الأسر من أي لقاءات داخل المنازل خلال عيد الميلاد (25 ديسمبر الجاري)، فعليه أن يتهيأ لنحو مليون إصابة يومياً. وعلى الجانب الآخر نواب حزب المحافظين الذين لا يريدون أي عودة للإغلاق، والتباعد الجسدي، ومنع التجمهر، لخوفهم على التأثيرات الكارثية على الاقتصاد. وقال علماء اللجنة العلمية الاستشارية أمس إنه بات في حكم المؤكد وقوع مئات آلاف الإصابات الجديدة بأوميكرون يومياً في بريطانيا، إذا لم تسارع الحكومة الى إعلان تدابير وقائية مشددة. وأضافوا أن تلك هي السبيل الوحيد للحيلولة دون أن تفيض المستشفيات بمرضى كوفيد19. وذكر محضر لاجتماع عقدته المجموعة العلمية الاستشارية بشأن الطوارئ في 16 الجاري أن عدد حالات التنويم قد يصل إلى 3 آلاف حالة يومياً. وأضاف المحضر أنه بسبب الفاصل الزمني بين العدوى وظهور الأعراض سيصل عدد حالات التنويم في إنجلترا إلى ما يراوح بين ألف وألفي حالة يومياً بحلول نهاية 2021. وقال العلماء إن الأمر يتطلب قرارات صارمة بفرض قيود على عدد من يسمح لهم بالتزاور بين الأُسر، وإغلاق مرافق الضيافة (المطاعم، المقاهي، الفنادق، الحانات، الأندية الليلية). وأضافوا أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى خفض عدد الحالات الجديدة حتى تبلغ الموجة الفايروسية الراهنة ذروتها. وذكرت ورقة أخرى من محضر اجتماع اللجنة العلمية في 15 الجاري أنه إذا أبقت الحكومة على التدابير الحالية، التي تعرف بـ «الخطة ب»، فإن عدد الإصابات الجديدة سيرتفع إلى مليون إصابة يومياً خلال الفترة من نهاية ديسمبر إلى نهاية يناير 2022. وتوقع المحضر أن يصل عدد المنوّمين بأوميكرون إلى 10 آلاف شخص يومياً خلال يناير أو فبراير 2022؛ فيما قد يصل عدد الوفيات إلى ما لا يقل عن 6 آلاف وفاة يومياً خلاف الفترة من منتصف يناير إلى منتصف مارس 2022. وقالت اللجنة إنه لا بد من إجراء فحص قبل وبعد أية مناسبة حاشدة، ولطلبة المدارس يومياً. كما أنه تتعين العودة لقاعدة التباعد الجسدي لخفض عدد حالات التنويم والإصابات الجديدة.

لكن السؤال الذي يثيره كل بريطاني حالياً: إلى متى ستبقى هذه القيود إذا تم فرضها؟ وردت اللجنة العلمية الاستشارية بالقول إن الأمر يتحتم درس ثلاثة سيناريوهات محتملة:

السيناريو الأول: إذا كفّ الفايروس عن التفشي المتسارع، ولم تكن إصابته بالخطورة المرضية التي يخشاها العلماء؛ يمكن إلغاء التدابير الوقائية المشددة بعد 10 أيام من فرضها.

السيناريو الثاني: وهو السيناريو الأقرب للتحقق، أن تبقى التدابير المشددة حتى يتمكن كل شخص في بريطانيا من الحصول على جرعة تنشيطية ثالثة من لقاح كوفيد19. ويعني ذلك أن الإجراءات ستبقى سارية المفعول حتى منتصف يناير أو أكثر من ذلك. وحصل أقل من 40% من بالغي بريطانيا على الجرعة التنشيطية الثالثة حتى اليوم.

السيناريو الثالث: يستمر فرض التدابير المشددة إلى حين ظهور لقاح معدّل الصيغة صنع خصيصاً لمواجهة متحورة أوميكرون. وهو أمر قد يستغرق أشهراً.

ويشعر البريطانيون بالفزع من مصيرهم المجهول لأن بلادهم أصلاً تواجه نقصاً مريعاً في عدد أسرّة العناية الكثفة؛ إذ هناك 7 أسرّة فقط لكل 100 ألف من السكان؛ في حين يصل العدد إلى 48 سريراً لكل 100 ألف ألماني، و19 سريراً لكل 100 ألف فرنسي.

• كسرت ولاية نيويورك رقمها القياسي في الإصابات الجديدة، بتسجيل 21908 إصابات السبت. وقالت حاكمة نيويورك كاثي هوشل إن التفشي الفايروسي أدى إلى إلغاء مسرحيات بوردواي، وإعادة الموظفين للعمل من منازلهم.

• أعلنت هولندا العودة للإغلاق. وقال رئيس الوزراء مراك روتا إن أوميكرون تتفشى بأسرع ما كنا نتصوره. وزاد مخاطباً شعبه: إننا مضطرون للعودة للإغلاق. ويعني ذلك أنه لن يكون هناك مكان مفتوح سوى محلات السوبرماركت الأساسية. وسرى الإغلاق اعتباراً من أمس (الأحد)، ويستمر إلى 14 يناير.

• قررت جامعة هارفارد الأمريكية العودة لنظام التعلم عن بعد خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير 2022، بسبب تزايد الإصابات المحلية، وتسارع تفشي أوميكرون.

• قالت الصين إنها اكتشفت 125 إصابة جديدة بسلالة دلتا، منها 89 إصابة محلية، في محافظة منغوليا الداخلية الصينية.

• أعلنت مقاطعة نيو ساوث ويلز الأسترالية (السبت) تسجيل 2482 حالة جديدة، بعد يوم فحسب من تخفيف قيود السفر بالنسبة للأشخاص المطعّمين بلقاحات كوفيد19.

• ذكرت حكومة نيوزيلندا (الأحد) أنها سجلت 29 حالة، بينها 4 إصابات بأوميكرون. وقالت إن الإصابات الجديدة كلها لمسافرين قدموا من الخارج.