داخل مطبخها وبمساعدة زوجها الذي يقوم بتصويرها، تقدم «هاجر»، الأم الصماء، فيديوهات طبخ بلغة الإشارة على «يوتيوب»، لتعلم مثيلاتها من الفتيات والسيدات، كيفية تقديم أشهى الأكلات، على أمل أن تساعدهن على تعلم أسرار المطبخ وأكلاته المختلفة، حتى لا يشعرن بأنهن أقل من أي امرأة، وأنهن قادرات على القيام بكل المهام على أكمل وجه.
هاجر عبد الهادي سعيد، حاصلة على مؤهل متوسط من مدرسة الأمل للصم وضعاف السمع، زوجة وأم لفتاتين وولد، تبلغ من العمر 29 عاما، تعلمت الطبخ بعد أن وجدت نفسها في منزل الزوجية، وعليها أن تقوم بدورها كزوجة وأم، وذلك وفق ما ترويه والدة «هاجر»، المعروفة في عائلتها بـ «ماما فاطمة».
اقرأ أيضا: «داليا» تتحدي الإعاقة البصرية بتعليم اللغة الإيطالية مجانا للمبصرين
تعلم كيفية إعداد أكلات شهية وجيدة، بالنسبة لامرأة ضعيفة السمع ليست متمرسة بما فيه الكفاية على القراءة والكتابة، ليس بالأمر السهل، خاصة أن ضعيف السمع عادة ما يعاني من ذاكرة ضعيفة بعض الشيء، كما في حالة «هاجر»، حسب ما تذكره «ماما فاطمة»: «هاجر متعلمتش الطبخ ولا دخلت مطبخ غير بعد ما اتجوزت، أولا لأنه صعب عليها تحفظ أسماء الخضروات والتوابل ومعدات المطبخ، وكمان عشان كنت خايفة عليها».
معارضة من الأم تنتهي بالموافقة: «كنت خايفة عليها»
على الرغم من الصعوبات التي تعاني منها هاجر، لكنها لم تأبه لها، وقررت أن تستكشف المطبخ في بيتها، وتحاول أن تعد كل أنواع الطعام الذي يحبه زوجها وأبنائها، وخلال فترة قصيرة تعلمت إعداد الكثير من الوصفات، التي كانت تضع صورها على حساباتها المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، معبرة عن فرحتها بتلك الإنجازات الصغيرة بالنسبة إليها، الكبيرة جدا في نظر الكثيرات من المصابات بالصم وضعف السمع، اللاتي كن يتواصلن معها ويطلبن منها أن تعلمهن.
ومن هنا جاءت الفكرة إلى «هاجر»، وبدأت تقديم فيديوهات على «يوتيوب» لتعليم كيفية إعداد الأكلات المختلفة بلغة الإشارة، على الرغم من معارضة والدتها لذلك في بداية الأمر: «بصراحة كنت خايفة عليها من الفشل، وأن ده يزعلها ويأثر بالسلب على نفسيتها، بس هي قالتلي أنا بعمل ده عشان ربنا وعشان أعلم البنات اللي مبتعرفش تتكلم ولا تسمع، وميحسوش إنهم أقل من أي بنت تانية»، قالتها والدة «هاجر».
اقرأ أيضا قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. حقوق اجتماعية لأصحاب الهمم
مشاهدات «هاجر» من جنسيات عربية مختلفة
زوج «هاجر» عز الدين مصطفى من ضعاف السمع أيضا، يتولى التصوير والمونتاج وكتابة نصوص على الفيديوهات، حتى يستطيع من لا يجيدون لغة الإشارة فهمها والاستفادة منها، خاصة بعدما لاحظ أن الكثيرات من جنسيات عربية مختلفة يشاهدن تلك الفيديوهات ويتحدثن مع زوجته، التي تجيد لغة الشفاه كذلك إلى جانب لغة الإشارة، ليشكرونها على ما تقدمه ويطالبونها بتقديم المزيد.