يشهد العالم في الأيام الحالية، الاحتفال بميلاد السيد المسيح، وهو ما يأتي مصحوبًا دائمًا ببعض التساؤلات حول سبب اختلاف موعد الاحتفال به بين الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية، إذ أنه يحتفل مسيحيو الغرب بعيد الميلاد أمس السبت الموافق 25 ديسمبر، بينما يحتفل عدد كبير من المسيحين في مصر يوم 7 يناير المقبل.
يوضح ماركو الأمين، باحث في التاريخ القبطي، في تصريحات خاصة لـ«»، أن اختلاف موعد الاحتفال بعيد الميلاد بين الكنيسة الغربية والشرقية، يعود لأسباب فلكية أكثر منها عقائدية أو روحية، وذلك بسبب الاختلاف بين التقويمين الميلادي والقبطي.
تحديد موعد عيد الميلاد
في البداية يشرح «الأمين»، أن عيد الميلاد وهو ثاني أكبر الأعياد المسيحية بعد عيد القيامة المجيد، لم يكن يُحتفل به في القرون الثلاثة الأولى الميلادية؛ إذ أن موعد ميلاد السيد المسيح لم يُذكر في الأنجيل، وظل الحال كما هو عليه حتى تم انعقاد مجمع نيقية عام 325م، والذي أقر أعضاؤه بناءً على ما ورد في الديسقولية «وهو كتاب تعليم الرسل»، بتحديد يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطي للاحتفال بعيد الميلاد في العالم كله، والذي يوافق يوم 7 يناير حسب التقويم الميلادي.
«تم تحديد هذا اليوم وفقًا لحساب 9 أشهر بالتمام والكمال من بعد موعد بشارة العذراء مريم بالحبل المقدس، وكان اليوم يتميز بليله الأكثر طولًا والنهار الأقصر بين أيام السنة، ومن بعد ذلك اليوم يبدأ النهار يطول والليل يقصر، وده حسب قول المسيح: أنا هو نور العالم، كما ذكرت الآية في أنجيل يوحنا 8 : 12»، وذلك بحسب تصريحات الباحث في التاريخ القبطي.
اكتشاف خطأ في السنة اليوليانية
ظل هذا الوضع حتى جاء بابا روما البابا جريجوريوس الثالث عشر عام 1582، ولاحظ علماء الفلك وقتها أن هناك خطئًا في حساب طول السنة اليوليانية والتي تتوافق مع السنة القبطية، إذ كانت تُحسب على أنها 365 يومًا وربع (أي 6 ساعات)، بينما كانت هي في الحقيقة 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أي أنها أقل من طول السنة اليوليانية بفارق 11 دقيقة و14 ثانية، بحسب «الأمين».
بعد اكتشاف هذا الفارق في حساب طول السنة، حسب علماء الفلك تراكم هذا الفارق «11 دقيقة و14 ثانية» بداية من عام 325 حيث انعقد مجمع نيقية، وحتى عام 1582 التي تم اكتشاف فيه الخطأ، ليجدوا أنها قد تكونت 10 أيام كاملة، مما جعل البابا جريجوريوس يأمر بحذف الـ 10 أيام هذه من التاريخ، ليُصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر 1582، وعُرف هذا التعديل بالتقويم الجريجوري أو الغريغوري.
ولكي يضمن بابا روما توافق حلول عيد الميلاد في اليوم المُميز بالليلة الأكثر طولًا والنهار الأقصر، فقد وضع قانون يقر بحذف 3 أيام كل 400 سنة، وهي تقريبًا إجمالي تراكم الفارق «11 دقيقة و14 ثانية خلال الـ 400 سنة»، ومنذ عام 325 والتي تقرر فيها تحديد يوم 25 ديسمبر في مجمع نيقية للاحتفال بالعيد، وحتى وقتنا الحالي، نجد أنه قد تم حذف قرابة 13 يومًا من التقويم اليولياني، وهو ما جعل مسيحي الغرب المتبعين هذا التقويم لا يزالوا مستمرين في الاحتفال بالعيد يوم 25 ديسمبر.
استمرار الكنيسة الشرقية بالاحتفال بالعيد يوم 7 يناير
ولأن الكنيسة الشرقية قد رفضت هذا التعديل المعروف باسم التعديل الجريجوري أو الغريغوري، ولم تعمل به، وبالتالي لم تحذف الـ 13 يومًا المتراكمة منذ عام 325 وحتى وقتنا الحالي، فأنها تحتفل بالعيد يوم 7 يناير من كل عام، وهو ما يوافق 29 كيهك في التقويم القبطي.