«بنحلم بشارع بلا مشردين».. بهذه الجملة وصف «محمد»، شاب أربعيني، يعمل في إصلاح الأحذية، تفاصيل مُبادرته التي بدأها قبل 10 أعوام، وتستهدف تعليم الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة حرفة تُمكنهم من توفير قوت يومهم إلى جانب المساهمة في زيادة إنتاج مصنعات الجلود في مصر والتوقف عن الاستيراد.
محمد عبدالفتاح وشهرته «محمد الزيات»، 41 سنة، من أبناء محافظة حلوان، قال لـ«»، إنّه كان يعمل «صانع ماهر» في القوات المسلحة المصرية، إلا أنه اضطر لتركها بسبب ظروف صحية عام 2011 ليبدأ بعدها العمل بحرفة إصلاح الأحذية: «كان عندي فكرة عن الصنعة واتعلمتها بسبب مشاهدتي للناس وهي بتشتغلها».
تعليم الأيتام وأصحاب الهمم والمشردين
بعدما بدأ «الزيات»، عمله في إصلاح الاحذية، لاحظ وجود كثير من الشباب يسرق الجلوس على المقاهي وفي الشوارع أعمارهم، ويعجزون عن الالتحاق بأي عمل يجنون منه أي عائد مادي، لذا قرر ألا يعمل بمفرده وإنما يستقطب هؤلاء الشباب من فئة الأيتام وذوي الإحتياجات الخاصة والمشردين في الشوارع ليُعلمهم الصنعة: «بنحلم بشارع بلا مشردين.. وعايزين نعلم الشباب حرفة ياكلوا منها عيش وفي نفس الوقت نحافظ على الحرف الخدمية ومنها تصليح الأحذية علشان متختفيش».
ظل «الزيات» يقضي ساعات عمله في تعليم هؤلاء الشباب من خلال الممارسة العملية حتى تعلَّم الكثير منهم أصول الصنعة وبدأ بعضهم في شق طريقه بمفرده: «بفرح جدًا لما بلاقي حد من اللي علمتهم، قدر يشتغل لوحده ويفتح محل»، لافتًا إلى أنه علَّم قرابة 40 شخصًا من بينهم 5 بدأوا يمارسون المهنة في محلات خاصة بهم، وأشهر هؤلاء كان بوابًا تعلَّم فنيَّات الحرفة في شهرين فقط وبدأ امتهانها بشكل مستقل.
تعزيز الإنتاج المحلي وفق متطلبات الجمهورية الجديدة
لم تقف آمال «الزيات»، عند حد تعليم الشباب حرفة إصلاح الأحذية، وإنما طمح في ما هو أبعد من ذلك، وهو إدخال تعليم الصنعة وصناعة الجلود عمومًا في المدراس الثانوية الفنية لاستغلال قدرات وطاقات طلابها في تعلم الصنعة ومن ثم تدوير عجلة الإنتاج: «لو عملنا كدا كل مدرسة هتكون كفيلة إنها تطلع إنتاج لمصنوعات جلدية تغرَّق البلد اللي هي فيها بالإضافة إلى تخريج صنايعية يُمكن إلحاقهم بالمصانع».
يرى «الزيات» أن الفكرة ستساهم في تحقيق تطلعات الجمهورية الجديدة من تعزيزٍ للإنتاج: «مش هنكون محتاجين نستورد أي مصنوعات جلدية من الصين وكمان هنقلل بشكل كبير أعداد المشردين في الشوارع»، مشيرا إلى أن الغرفة التجارية استجابت لمبادرته وتمت دعوته لحضور عدة اجتماعات ورحب قيادات الغرفة بفكرته وبدأوا في دراستها.