وهم الخلطات المنزلية غير المرخصة

بقلم المهندسة غادة عاصي

الكثير منا يرى الإعلانات الدعائية على وسائل التواصل الاجتماعي أو في بعض الشركات في مكتب تحتشده السيدات أن بعضهن تصنع الخلطات المنزلية بحرفية كبيرة لعلاج التصبغات في البشرة بشكل سريع أو الحصول على بشرة بيضاء كالأطفال دون كلف أو تصبغات أو حبوب أو حتى هالات سوداء لتنكب النساء عليها بالطلب من كل صوب دون أي استفسار مسبق عن مكونات هذه العبوة التي تصلها مجهولة التركيب و التكوين و التصنيع و التغليف، حتى أنها مجهولة تاريخ الإنتاج و الانتهاء لتستخدمها الفتاة على بشرتها و تنبهر بتحول بشرتها بعد أول استخدام إلى بشرة ذات لون فاتح بدرجتين عن الطبيعي،
لا تفرحي كثيرا عزيزتي لأن هذه المنتجات يدخل في تركيبها الهيدروكورتيزون بالدرجة الأولى!! الذي يلحق الضرر بالبشرة بشكل لا حد له؛ حيث أنها تختبئ تحت مسمى أنها آمنة و ليس لها أضرار صحية عند الاستخدام كما يقال إن لم تنفع فهي لا تضر مع الجهل الكامل من قبل المشتري للاستفسار عن فترة صلاحية هذه الخلطة التي تعتمد على معايير كثيرة كدرجة الحرارة و الرطوبة و شدة الضوء و نوعية العبوة التي قد تؤثر على المواد الفعالة الداخلة في تركيب الخلطة غير أنها مجهولة المحتوى و المصدر كما تكمن خطورتها أنها قد تحتوي على مواد تتفاعل مع بعض الأدوية الأخرى التي تستعملها الفتاة و هذا قد يشكل خطرا بالغا على الصحة كما أن السيدة التي تصنع هذه الخلطات قد لا تمتلك الخبرة المعرفية و الوعي و المحتوى العلمي و الاختصاص لتصنيع مثل هذه المنتجات و ذلك لفقر مؤهلاتها في هذا المجال.
كما حذر العديد من الأطباء من شراء هذه الخلطات و يلقبون صانعيها ببائعي الوهم حيث أودت بحياة أناس و سببت لهم الفشل الكلوي أو مشاكل بالكبد مثل تشمع و تليف الكبد إذا كانت خلطات مأكولة أو مشروبة و أدت إلى مشاكل ببشرة بعض السيدات مثل الحروق و الالتهاب و الحبوب و التسمم و حدوث تشوهات حيث وصلت الكثير من الشكاوي و قصص من الواقع أن كريمات التبييض المجهولة المصنعة على شكل خلطات منزلية مجهولة غير مرخصة تسببت في احتراق وجه فتاة و جسدها بالكامل قبل زواجها ب ٣ أشهر و بعد البحث تبين أن الفتاة استخدمت كريم مجهول المصدر و التركيب من قبل تاجرة تسوق خلطاتها عبر الانستغرام.
و أضيف أن هناك فرقا كبيرا بين خلط الدواء و تركيبه و هذا ما يجهله أغلب الناس حيث أن التركيب هو استخدام المواد الخام و استخلاص علاج منها و هو عمل يقوم به فئة معينة من الصيادلة و مهندسي الصناعات الكيميائية لكن خلط المواد مع بعضها فهذا غير صحيح ألبتة ناهيك عن خلطها من قبل شخص غير مختص و لا يملك أي شهادة طبية.. حيث أن كريمات التبييض المرخصة إذا تم استخدامها بشكل خاطئ تضر فكيف بتلك التي تباع دون ترخيص و يتم تصنيعها بشكل يدوي!
كما تطرقنا إلى أنها تلحق الضرر الكامل بالجلد و تعمل على إتلاف الخلايا الصبغية لما تحتويه من نسبة كورتيزون عالية و مواد الهيدروكوين و مشتقات البنزين كما أنها بعض هذه المنتجات تسبب تسارع نبضات القلب و تدهور بالضغط نتيجة الاستخدام المفرط لهذه الخلطات و بعضها يسبب ضمور الجلد و يزيد من نمو الشعر حيث يسبب حالة من التعود و الإدمان في الجسم.
و أكد الكثير من الأطباء على أن خلط الأدوية مع بعضها البعض قد يؤدي إلى تفاعلات و تأثيرات عكسية كما أن الخلط الدوائي يحتاج إلى معامل و مختبرات خاصة و نسب و تراكيز مدروسة بشكل دقيق لكن للأسف فإن عملية خلط الكريمات و بيعها أصبحت تجارة رائجة تمتهنها الكوافيرة و المعلمة و العطار و السكرتيرة!
لذلك النصيحة الأولى و الأخيرة التي أوجهها إلى قراء و قارئات المقال أنه عند الشراء من أي جهة تبيع الخلطات ننصح بعدم الشراء إلا بعد التأكد من ترخيص المنتج من الجهات الصحية الرقابية و الرسمية و التأكد من احتواء المنتج على بطاقة خاصة بمكونات المستحضر و فعاليته و سلامة استخدامه و محاذيره بالإضافة إلى اسم المصنع و عنوانه و بلد المنشأ.
بقلم مهندسة الصناعات الكيميائية و الأخصائية : غادة عاصي
جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة وتحت طائلة المسألة القانونية والجزائية لقانون المطبوعات والنشر الاردني.