النظرة للأطفال المصابين بـ«متلازمة داون» باعتبارهم عالة على المجتمع، وعبئاً على أسرهم، لم يعد مقبولاً فى الوقت الحالى، مع اهتمام الدولة بهم، وزيادة الوعى بقدراتهم، التى حاولت «مؤسسة أولادنا» استثمارها لإيجاد فرص عمل لهم، تدر عليهم دخلاً مجزياً، وتُزيد من ثقتهم بأنفسهم، وفى نفس الوقت تعود على الدولة والمجتمع بالنفع.
«التوظيف بالفنون» هو عنوان الورشة التى نظمتها المؤسسة فى مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك، لتدريب الأطفال على عمل رسوم تصلح للطباعة على الملابس والأغراض الشخصية والمنزلية المختلفة، للقيام بتسويقها من خلال معارض مختلفة، وتحكى الدكتورة نادية العربى، منسق برامج بـ«مؤسسة أولادنا» واستشارى العلاج بالفن، عن الفكرة: «منذ فترة نشجع الأطفال على عمل مشغولات يدوية ونقوم بتسويقها لهم، إلى أن قامت والدة طفلتين مصابتين بمتلازمة داون، بشراء ماكينة طباعة على الملابس والمجّات وخلافه، ففكرنا فى تشجيع الأطفال على عمل مشغولات فنية، بسيطة محددة الملامح تصلح للطباعة، نظير أجر ولو بسيط».
ردود فعل إيجابية من الحاضرين بالورشة
16 إلى 25 عاماً، الفئات العمرية التى حضرت الورشة، باعتبارها القادرة على عمل الرسوم والتكسب منها، بحسب «نادية»، خاصة أن الفئات العمرية الأصغر تكون قدراتها محدودة: «درّبنا الأطفال على عمل رسوم بسيطة مثل وجه ولد أو بنت بضفائر، فراشة، نصف برتقالة أو ليمونة، لكى يكون الرسم واضحاً فى الطباعة».
ردود فعل إيجابية لمستها استشارى العلاج بالفن من الأطفال، فبمجرد أن ينتهى أى منهم من العمل ويوقّع اسمه عليه كأى فنان، يشعر بثقة فى نفسه، وأنه منتِّج وعنصر فعّال وليس عالة على مجتمعه أو أسرته: «بعد رحيل الأم والأب يكون هؤلاء الأطفال فى أزمة حقيقية، فلا يجدون الدعم المادى والمعنوى، رغم أن كثيراً منهم لديهم قدرات كبيرة».
دعوة لأصحاب المصانع للمشاركة
تدعو «نادية» أصحاب المصانع للتعاون مع المؤسسة، من خلال استقبال رسوم أطفال «متلازمة داون»، وطباعتها على المنتجات المختلفة: «أتمنى أن تتبنى المصانع الفكرة، وتأخذ رسوم الأطفال وتطبعها على منتجات وتسوّقها، للاستفادة من رسومهم الفريدة، وفى نفس الوقت إفادة طفل متلازمة داون مادياً ومعنوياً، وبالفعل هناك فنانون عالميون يحاولون تقليد رسومهم، وبيوت أزياء شهيرة تطبع رسومهم على الملابس، كقطع فريدة».
الورشة انعقدت لأول مرة مؤخراً، وستستمر خلال الفترة المقبلة بمعدل مرتين شهرياً، على أن يقوم الأطفال بعد الورشة بالتدريب فى البيت، وهنا يكمن دور الأسرة، إما أن تدعم الابن وتزيد من ثقته بنفسه أو تحبطه، وتشير «نادية» إلى أن الأطفال تم تدريبهم على عمل رسوم تصلح للطباعة على «تيشيرتات، مجّات، مفارش، فوط مطبخ، وغيرها».
«الكروشيه» هو ما تسعى المؤسسة أيضاً لتعليمه لأطفال «متلازمة داون»، لعمل منتجات والتكسب منها، وتوضح «نادية» أن الأمهات أحياناً يقمن بتدريب الأطفال، أما التسويق يكون من خلال عدة معارض: «كل سنة لنا ملتقى به معرض للمنتجات، هناك معارض للمنتجات تنظمها الدولة مثل ديارنا، نشارك بها، كما نقوم بحجز بعض الأماكن لعمل معارض مثل نادٍ أو مول تجارى وغيرهما».
التعاون بين الوزارات المختلفة فيما يتعلق بالمشاركة المجتمعية، هو ما أشادت به استشارى العلاج بالفن، حيث ينعكس إيجابياً على الأطفال: «الورشة انعقدت فى مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك، التابعة لوزارة الثقافة، ومؤسسة أولادنا تتبع وزارة التضامن، ونسعى للتعاون مع وزارة الآثار، لعمل جولة فى المتحف المصرى قريباً».