بصيص أمل على الحدود التركية الأرمينية المغلقة عشية أول لقاء


04:41 م


الخميس 13 يناير 2022

انقرة- (أ ف ب):

أصبحت آخر محطة قطارات تركية قبل الحدود مع أرمينيا مرتعا للطيور والكلاب الشاردة منذ إغلاقها قبل ثلاثة عقود وسط صراعات دامية، لكن عودة التواصل المباشر بين أنقرة ويريفان يبعث بصيص أمل نادر في نفوس سكان الجبال المكللة بالثلوج في أقصى شمال شرق تركيا الذين يترقبون لقاء بين موفدي البلدين في موسكو الجمعة.

ويقول إنجين يلدرم رئيس جمعية تجار أكياكا، البلدة التركية الحدودية، “منذ إغلاق الحدود في 1993 حُجب النظر عن منطقتنا التي أغلقت من كل الجوانب”.

ويضيف “الحدود هي نافذتنا الوحيدة على العالم”.

تسبب تفكك الاتحاد السوفياتي الفوضوي عام 1991 في موجة من النزاعات الاقليمية وأطلق شرارة حرب واسعة بين الأرمينيين المسيحيين والأذربيجانيين المسلمين بشأن منطقة ناغورني قره باغ.

وانتصار أرمينيا في النزاع دفع بتركيا، التي تسممت علاقاتها بيريفان أصلا على خلفية رفض أنقرة الاعتراف ب”إبادة” الأرمن على أيدي العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، إلى إغلاق الحدود في 1993 دعما للحلفاء المسلمين في باكو.

ويشير الأهالي الآن إلى محطة القطار في أكياكا والمبنية من حجر البازلت الأسود بعبارة “محطة النوستالجيا”، شعورا منهم بالحنين للماضي والأيام التي كانت فيها القطارات تعبر في الاتجاهين حاملة إلى المنطقة الخلابة حركة سياحية وتجارية.

– لا عائق –

ويتذكر المؤرخ المحلي فيدات أكجايوز أيام سقوط الاتحاد السوفياتي ويقول “في 1991 كان الناس يعبرون الحدود في الاتجاهين للتلاقي”.

ويضيف “تفجر الغضب لعامين”.

منذ ذلك الحين اندلعت حرب ثانية على ناغورني قره باغ في 2020 استعادت فيها أذربيجان معظم خسائرها ووافقت أرمينيا على هدنة بوساطة روسية، وأدى ذلك إلى تحسن المزاج العام.

أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان في أكتوبر الماضي أنه لا يرى “عائقا” أمام تطبيع العلاقات مع أرمينيا في حال حافظت يريفيان على “نية حسنة” تجاه باكو.

ثم تبادلت أنقرة وأرمينيا تعين موفدين خاصين للمحادثات. الشهر الماضي قررت يريفان إلغاء حظر على استيراد سلع تركية فرضته في أعقاب الحرب الثانية على قره باغ.

وقال يلدرم إن الأهالي يتابعون التحركات الدبلوماسية عن كثب.

وأضاف “حكومتنا تؤيد إعادة فتح الحدود وأعتقد أن الأرمينيين يؤيدون ذلك ايضا”.

وتابع “ليس لدينا مشكلة مع الأرمينيين، وليس لديهم مشكلة معنا”.

– حان الوقت للعيش بسلام –

يستذكر أصحاب المحلات في المنطقة النائية فترة كان فيها الأرمينيون يعبرون الحدود لشراء حاجاتهم.

ويقول حسين كانيك الذي يملك متجرا لبيع الأجبان في محافظة قارص المجاورة “قمنا بأعمال تجارية نشطة مع الأرمينيين”.

خلال الحقبة السوفياتية “كانوا يأتون مع الفراء والأواني ويعودون حاملين منتجاتنا … سنعود قريبا إلى تلك الأيام”، كما يأمل.

وأمام فندقه الذي يعود للقرن التاسع عشر وكان ذات يوم يستقبل نخبة روسيا القيصرية، يراهن غفار دمير أيضا على السلام قائلا إن الوضع الراهن ليس منطقيا.

ويشكو قائلا “لدينا طريق وسكة حديد لكن ليس لدينا علاقات مع الأرمينيين”.

ويذكر صاحب فندق “كرباغ” المحلي الأعمال العدائية التي تمثل خطرا على سلام دائم، لكن أكجايوز يفضل عدم الإشارة إلى الأرضية المتعددة الثقافات في المنطقة، والتي تشمل إلى جانب الأتراك والأرمن، جورجيين وأذريين وأكراد وأقليات أخرى.

ويرى أنه “حان الوقت كي يعيش الجميع بسلام”.

– نشبه بعضنا –

قلة من الناس هنا يرغبون في التحدث عن المسألة الأساسية التي تثير التوتر، وهي مقتل أكثر من مليون أرميني، وفق تقديرات المؤرخين، على أيدي الأتراك العثمانيين في 1915-1916.

وترفض أنقرة الاعتراف بحصول “إبادة” وتقول إن أتراك مسلمين وأرمن مسيحيين على حد سواء ماتوا خلال الحرب العالمية الأولى.

وعلى الطريق بين قارص وأكياكا أقيم نصب لتكريم “الضحايا الأتراك” فقط.

غير أن الحكومة الأرمينية اقترحت استبعاد مسألة “الإبادة” من المحادثات.

وقال رئيس بلدية قارص السابق نايف علي بي أوغلو “علمونا أن نكون عدائيين تجاه الأرمن. في قارص كانت كلمة أرميني تستخدم كإهانة”. ودائما ما أيد رئيس البلدية السابق تقاربا مع أرمينيا وخصوصا المحاولات الأخيرة عام 2008.

ويوضح “قد يكون هناك بعض العناصر المتعصبين، لكن لا يوجد عداء بين شعبينا”.

ويضيف شقيقه علي جان مؤسس تلفزيون سرهات المحلي “نشبه بعضنا البعض نضحك ونبكي على نفس الأمور”.

ويتابع “بالتأكيد تم تحديد موعد لإعادة فتح الحدود”، فيما كان علم روسي يرفرف وراء المعبر الحدودي على بعد بضعة كيلومترات حيث أقامت موسكو قاعدة دعما لحليفتها أرمينيا.