بملامح بسيطة يغلفها التعب، تجلس «رضا»، سيدة في العقد السابع من عمرها، على رصيف أحد شوارع حي الدقي بمحافظة الجيزة، وأمامها طاولة خشبية عليها بعض الكمامات والأدوات البسيطة تستعين ببيعها في الإنفاق على أسرتها المكونة من 8 أفراد بعد انفصالها عن زوجها.
بصوت هادئ ونبرة تحمل سمات اسمها، تحكي رضا عبدالقادر، 66 سنة، تعيش في شارع أحمد محمود بمنطقة صفط اللبن بالجيزة، في حديثها لـ«»، أنها انفصلت عن زوجها منذ ما يقرب من 17 عامًا بسبب خلافات بينهما: «عندي 7 بنات منهم 4 متجوزين و3 لسه متجوزوش»، مشيرة إلى أن ابنتها «دنيا» مخطوبة وتعجز عن تجهيزها.
حزن «رضا» على عدم تعليم بناتها
سنوات طويلة قضتها «رضا» في التعب والشقاء منذ بداية زواجها؛ إذ بدأت تعمل مع زوجها في بيع الجرائد، وبعدها بيع الساندويتشات، قبل أن تستقر أخيرًا على الرصيف بالكمامات: «تعبت واشتغلت كتير والحمد لله على كل حال، بس اللي زعلني أن بناتي طلعوا من المدرسة وهما صغيرين لأني مقدرتش أصرف على تعليمهم»، مُضيفة أنها تتكفل برعاية حفيدها من ابنتها بعد وفاة أبيه وزواج ابنتها من آخر: «عندي كمان بنتي هدى مطلقة وعايشة معايا هي وعيالها الـ3 بنتين وولد وملهاش مصدر دخل غير المعاش الشهري 450 جنيه».
رغم تهاون صحة «رضا»، إلا أنها تأتي يوميًا من صفط اللبن إلى حي الدقي، وتواظب على بيع بضاعتها للزبائن من الثامنة صباحًا وحتى السابعة مساءً، مُتحاملة على نفسها مُتجاهلة احتياج جسدها المُلِح إلى الراحة: «اليوم اللي بغيب فيه عن الشغل أو بريحه بيأثر عليا.. ولما برتاح يوم الجمعة بلاقي أننا يوم السبت مش معانا فلوس نصرف.. باخد معاش 450 جنيه وساكنة في شقة إيجار بحتاج كل شهر 700 جنيه إيجارات ومياه ونور»، مؤكدة أنها تعاني من مشاكل صحية في الصدر وتحرص دائمًا على الاحتفاظ بالبخاخة وتستعملها عند اللزوم.
«رضا» تعجز عن تجهيز ابنتها المخطوبة
على الرغم من التعب الشديد الذي تتكبده «رضا» في أثناء جلوسها في الشارع وانشغالها في البيع أحيانًا، فإنها كثيرًا ما تسقط في دوَّامة التفكير والقلق كلما تذكرت أن موعد زفاف ابنتها «دنيا» يقترب كل يوم وهي لا تزال عاجزة عن تجهيزها: «لحد دلوقتي مش قادرة أشتري لها حاجة.. الحمل تقل عليا ونفسي أقدر أجهز بنتي وأجوزها زي أخواتها».