«أجمل الهدايا للنونة.. قول يارب يا هادي هات الناس الحلوة الناحية دي».. صيحات يطلقها «عم صبري» أثناء سيره في شارع العشرين بفيصل، مرتديا ملابسه الصعيدية، حاملا عصاه الخشبية، الملصق بها لعب الأطفال و«توك» البنات المضيئة، يصارع بروحه المرحة علامات التعب والشقاء التي بدت واضحة على ملامحه.
رحلة «عم صبري» من قنا إلى القاهرة
صبري عبد الملاك، صاحب الـ58 عاما، والمقيم بحي العمرانية، بمحافظة الجيزة، يروي في حديثه لـ«» أنه جاء إلى القاهرة عند أحد أقاربه وكان عمره 17عاما، قائلا: «أنا أصلي من قنا، وأنا كنت مزارع، وكان عندي فدادين لكن محافظتش عليها، وجيت القاهرة هنا، وأتجوزت قريبتي» بحسب قوله.
يعيش «عم صبري» مع أسرته في شقه إيجار، بمبلغ 900 جنيه شهريا، موضحًا أن لديه 5 أولاد «بنتين و3 ذكور» تتراوح أعمارهم بين 27- 36 عاما، متابعا:« بنتي الكبيرة مها دي عندها شلل أطفال وسميتها علي اسم الممثلة مها صبري وميلاد ده بيعاني من حاله نفسيه والباقي متجوزين» بخلاف فواتير الكهرباء والمياه والغاز فضلا عن الاحتياجات المعيشية الأخرى، وحبه للأطفال أيضا هو الذي دفعه لبيع لعب الأطفال، «بشتغل كل يوم من الضهر لغاية 12 بالليل».
بيع اللعب في شوارع الجيزة
منذ 10 سنوات، يبيع الرجل الخمسيني لعب الأطفال ولكنها لم تكن المهنة الأولي التي لجأ إليها، قائلا:«مفيش حاجه مشتغلتش فيها، كنت مزارع وبعدين اشتغلت في الفاكهة والمعمار، وكنت بلم العيش الناشف من البيوت وأبيعه واشتغلت بردوا في الخردة».
وبالرغم من أنه يعاني من التهاب في المرارة، إلا أنه مازال راضيًا بقضاء الله «الحمد لله على كل حال، وكل اللي بيجيبوا ربنا حلو».
مر قطار الزمن على «عم صبري» فأفقده الكثير من شبابه وصحته ولكنه لم يؤثر في ذاكرته القوية: « بحب الأفلام القديمة جدا، وكمان حافظ أغنية من بتوع زمان لعمر فتحي اللي بتقول أبسط ياعم ماتشيلش هم مهي ماشية معاك آخر حلاوة، وبحب تمثيلية ذئاب الجبل عشان دي معمولة في قنا» مختتما حديثه: «نفسي في كشك أبيع منه، وارتاح بس ومش عاوز حاجة تاني».