أكدت صحيفة عبرية أن “إسرائيل” التي اعتمدت عددا من الاستراتيجيات قد فشلت في تحقيق وتجسيد الحلم الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة، وهي تواصل السير في الطريق نحو فقدان هذا الحلم.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية في مقال كتبه شاؤول أريئيلي، أن الحركة الصهيونية عملت على تأسيس “دولة يهودية” على أرض فلسطين المحتلة “بواسطة دمج ثلاث استراتيجيات عمل أساسية، وجميعها لم تنجح في حل النزاع أو تحقيق الأهداف الثلاثة الرئيسية للحركة الصهيونية؛ “أرض إسرائيل، وديمقراطية، وأغلبية يهودية”، وهكذا ولد خط سياسي ثالث، هو التقسيم لدولتين”.
وأفادت بأن الاستراتيجية الأولى للحركة الصهيونية لتجسيد الحلم الصهيوني، “كانت تعتمد على هجرة جماعية واستيطان، وهذه فشلت لأسباب مختلفة”، والثانية هي “السعي لاستبدال الطموحات القومية الفلسطينية بمكاسب اقتصادية”، وفشل هذه الاستراتيجية شرحه جابوتنسكي عام 1923 في “الجدار الحديدي” حينما قال: “إن الهذيان بهذا الأمر، أن يوافقوا طواعية على تجسيد الصهيونية مقابل تسهيلات ثقافية أو مادية يمكن أن يجلبها لهم المستوطن اليهودي.. ليس له أي أساس”.
ورأت الصحيفة أن “هذا الهذيان يعود ويجد له مكانا في الخطاب السياسي اليوم، بدءا بحلم السلام لدونالد ترامب وحتى سياسة “تقليص النزاع” والسلام الاقتصادي التي تبناها رئيس الحكومة نفتالي بينيت”.
والاستراتيجية الثالثة، كانت “الترانسفير الطوعي أو القسري للعرب”، وكتب يوسف فايتس في مذكراته عام 1940: “لا يوجد مجال للتسوية، يجب نقلهم جميعا وعدم إبقاء أي قرية أو أي قبيلة، فقط بهذه الطريقة وهي تهجير عرب إسرائيل، يأتي الخلاص”.
وأكدت “هآرتس” أن “استراتيجية الترحيل الطوعي فشلت إلى أن جاء قرار التقسيم، فيما عارض الفلسطينيون ذلك بشدة، وعرض على الحاج أمين الحسيني أن ينتقل عرب فلسطين إلى شرق الأردن، مقابل أن تعطى لهم أرض ضعف الأرض التي يمتلكونها، كما أنهم اقترحوا أن يدفع اليهود لهم كل الأموال المطلوبة لتطبيق هذا العرض.. كان من الطبيعي أن يرفضوا هذا المقترح المضحك”.
وأشارت إلى أن “استراتيجية الترحيل القسري حظيت بنجاح على خلفية حرب 1948، بعد أن رفض العرب قرار التقسيم، واستقر الميزان الجغرافي بعد الحرب داخل الخط الأخضر على نسبة 16: 84 لصالح اليهود”، منوهة إلى أن “هذه الاستراتيجية لم يتم نسيانها، ومنذ حرب 1967 وهي ترافق الخطاب السياسي في إسرائيل”.
ونبهت إلى أن “الاستراتيجيات الثلاث غير ممكنة”، موضحة أن “رفض الفلسطينيين لمبادرة ترامب يدل على أنه لا يوجد شريك فلسطيني في “السلام الاقتصادي” أو “تقليص النزاع”، والترانسفير الطوعي أو القسري لا يوجد له أي احتمال، وبناء على ذلك، فإننا نقول لنفتالي بينيت (رئيس الحكومة) والآخرين الذين يؤمنون بأن الوقت في صالحنا، على المدى المتوسط والبعيد: لا توجد أي احتمالية لهذا الخط”.
وأفادت بأنه في بداية النزاع اعتمدت الحركة الصهيونية على السير في خطين سياسيين، هما “تأسيس دولة يهودية على كل الأرض (فلسطين المحتلة) أو دولة واحدة لكل سكان البلاد، وتجسيد ذلك عبر الاستراتيجيات سابقة الذكر.. وبعد ثبات فشلها في حل النزاع أو تحقيق أهداف الحركة الصهيونية، ولد خط سياسي ثالث وهو التقسيم لدولتين”.
ورأت الصحيفة، أن “قرار حكومة بينيت-لابيد (مائير لابيد وزير الخارجية ورئيس الوزراء بالتناوب) تبني خطا سياسيا يتجاهل الحاجة لتسوية النزاع، يبقي الساحة السياسية مكشوفة لعوامل تريد الدفع قدما بالخطوط السياسية والاستراتيجيات التي فشلت في السابق، وليس فيها ما يمكنه أن يجلب إشارة الآن، وكل الحكومة تتجاهل الخط السياسي الثالث الذي هو العبرة المطلوبة من فشل السياسات الأخرى، الذي يؤيده الآن معظم الجمهور، وما زال لم يستنفد”.
وقدرت أن “هذا التجاهل، يشجع خطا سياسيا رابعا وهو الأبرتهايد، الذي يقترحه جزء صغير من الجمهور اليهودي وهو يهدد الحلم الصهيوني”، منوهة إلى أن “الخط السياسي الثاني بإقامة دولة واحدة لكل السكان فشل أيضا، لأن الواقع الديمغرافي والجغرافي على الأرض لم يسمح بإقامة دولة مع أغلبية يهودية”.
وأضافت: “الآن من يؤيدون الدولة الواحدة، يتجاهلون أن الواقع الديموغرافي لعام 2022 مع إضافة اللاجئين الفلسطينيين الذين سيحظون بالعودة لبلادهم، يعني تطبيق الحلم الفلسطيني بدولة، ديمقراطية أو إسلامية، مع أغلبية عربية ثابتة”، موضحة أنه “رغم تعقد الواقع عن ما كان عليه في 1947، فإننا نشهد تجدد فكرة الاتحاد الاقتصادي، الكونفدرالية بصور مختلفة، تهدد الحلم الصهيوني”.
ونبهت “هآرتس”، إلى أنه “في السنوات الأخيرة، تسمع في أوساط الجمهور اليهودي أصواتا تطالب بتبني خط سياسي رابع وإقامة دولة ثيوقراطية يهودية، أي أبرتهايد”، مشيرة إلى أن “الفشل في الخط السياسي الأول وفي الثاني وعدم إمكانية تطبيق الرابع، استوعب من قبل الجمهور الإسرائيلي اليهودي الذي يريد تطبيق الخط السياسي الثالث، إذ يؤيد 53 في المئة من الجمهور الخط السياسي الثالث: حل الدولتين”.
وذكرت أنه “يجب على لابيد أن يحول تصريحات الانفصال إلى أفعال وأن لا يضيع 4 سنوات ثمينة، فيها خطر اختفاء الشريك الفلسطيني كبير جدا”، معتبرة أن “لقاءاته مع المرشحين لوراثة محمود عباس هي خطوة مهمة في هذا الاتجاه، لكنها غير كافية”، في إشارة منها إلى اجتماعه مع القيادي في “فتح” الوزير حسين الشيخ.
ورأت أن “المسؤولية عن سياسة التجاهل هذه، لا تقع فقط على بينيت ولابيد، بل على جميع أعضاء الحكومة الذين يؤيدون حل الدولتين”، مؤكدة أن هذه الحكومة غير القادرة على مواجهة المشكلة الأهم وهي النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، لا يوجد لها حق في الوجود حتى لو نجحت في إبعاد بنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة السابق) عن النظام السياسي”.