اعتاد «الليثي» على الانهماك في عمله دون اكتراث لأي أحادث جانبية في محيط الغرفة التي يضع فيها «بلاطات السيراميك»، يردد ابتهالات رائعة بصوته الملائكي.. يبتهل وينشد مدحا في نبي الله «محمد» صلى الله عليه وسلم، ليعم الصمت أرجاء المكان ويُجبر المحيطون على الإنصات لهذا الصوت الجميل.
مصطفى سليمان محمود الليثي، شاب يبلغ من العمر 31 عاما، حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية من جامعة بنها، يعمل «صنايعي سيراميك ورخام»، بعد أن ورث تلك المهنة عن والده الذي ورثها عن جده: «بشتغل في المهنة دي طول عمري، معرفتش غيرها ووراثها أبا عن جد».
«الليثي» خريج خدمة اجتماعية
منذ تخرج الشاب الذي يعيش بإحدى قرى مركز بنها التابع لمحافظة القليوبية، لم يستطيع الحصول على أي وظيفة تناسب مؤهله الدراسي، على الرغم من أنه سلح نفسه بكل الكورسات اللازمة: «معايا icdl، وكمان كورس إنجليزي، بس برضه ملقتيش شغل بدراستي، بس أنا راضي بصنعتي وأكل عيشي»، وحتى حين سافر إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، عمل هناك بنفس صنعته قبل أن يعود إلى من جديد بسبب وباء كورونا الذي تسبب في إنهاء عمل أصحاب الحرف والمهن المختلفة.
ورث الإنشاد والصنعة من عائلته
«الليثي» لم يرث صنعة السيراميك من عائلته فقط، بل ورث كذلك حب الإنشاد والابتهال بعد أن تجرع القرآن الكريم على يد جده الشيخ محمود الليثي الحافظ للقرآن الكريم كاملًا، وقبل أن يعرف طريق حلقات الذكر والإنشاد والابتهالات على يد أشقائه: «كنت بروح معاهم وأنا صغير جلسات الذكر والإنشاد، لحد ما بدأت أدندن معاهم ومع الوقت حبيت الإنشاد»، لدرجة جعلته يُقدم على الالتحاق بمدرسة الإنشاد الديني التابعة لنقابة الإنشاد الديني ويدرس الابتهالات لمدة عام كامل على يد كبار المنشدين في مصر.
حلم «الليثي»
خريج الخدمة الاجتماعية، لا يترك فرصة خلال ممارسته عمله في تركيب السيراميك والرخام، إلا وينشد فيها أو على الأقل يستمع لأحد كبار المنشدين: «وأنا شغال دايما بفضل أبتهل، وأي ناس بعملهم شغل أول ما يسمعوني هما اللي بيطلبوا مني أنشدلهم وأنا شغال»، ولهذا يحلم «الليثي» بأن ينضم إلى فريق إذاعة القرآن الكريم، حتى يعمل بها كمُبتهل ديني ويستطيع أن يقدم للناس رسالته التي يحملها في تلك الحياة: «نفسي أساعد في توعية الشباب بالمبادئ والمثل العليا، وأشجعهم على الاهتمام بالناحية الدينية والأخلاق الحميدة».