لم يتجاوز عامَه الخامس عشر بعد، إلا أن المراهق «بيبرس»، استطاع أن يُتقن اللغةَ الإنجليزيةَ دون سعي من أسرته لذلك، يتحدث بها ويقرأها بطلاقةٍ ولا يعرف طريقا للتعامل باللغة العربية، قد يبدو ذلك للبعض تفوقًا وإنجازًا غير مسبوق لمن هم في مثل عمره، إلا أن تلك المهارة لم تكن برغبته وصارت عقدةً في حياته بعدما باءت كل محاولاتِ الأم لتعليمه اللغة العربية بالفشل.
حكاية بيبرس تحولت إلى كتاب في معرض الكتاب
«بيبرس ممدوح عبدالله»، مراهق من محافظة الإسكندرية، انفردت «»، بنشر قصته في مطلع يونيو الماضي، وتحولت حكايته إلى كتاب متاح للجمهور في معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته المقامة حاليا، بالتعاون مع دار نشر أوراس للتوزيع والنشر بجناح مركز الحضارة المصرية.
مبكرًا وقبل أن يرى من الحياة نعيمها، بدأت رحلة «بيبرس» مع عيادات الأطباء في عمر الـ9 أشهر، حين داهم جسده داء «كاواساكي»، حسبما شخصه فريق طبي كندي بدولة الإمارات، حيث ولد وقضى سنوات عمره الأولى هناك، وهو الْتِهابًا في جدران الشرايين متوسِّطة الحجم في الجسم بالكامل يُصيب الأطفال بشكل أساسي، وبحسب رواية والدته، فإن هذا المرض أثر على شرايين القلب والمخ، وبعدها بدأ الصغير يصدر تصرفات غير طبيعية ولم ينطق كلمة واحدة وفي عمر 4 سنوات كانت أول كلمة نطقها باللغة الإنجليزية.
بعد سنوات من البحث بين عيادات الأطباء، شخص أحدهم حالة «بيبرس» بأنه مصاب بما يعرف بـ«متلازمة أسبرجر»، وهي إحدى اضطرابات طيف التوحد، ويُظهر المصابون بهذه المتلازمة صعوبات كبيرة في تفاعلهم الاجتماعي مع الآخرين من ناحية الجوانب اللغوية والإدراكية وقد يتبنى المصاب بها لغة واحدة فقط دون غيرها، بحسب الأطباء المعالجون لـ«بيبرس».
واجه «بيبرس» الذي لا يتحدث إلا اللغة الإنجليزية، صعوبات عدة منذ أن عاد إلى مصر واستقر بها، أبرزها المواد الدراسية باللغة العربية، وهو ما دفع والدته إلى مناشدة المسؤولين بوزارة التربية والتعليم بإعفاء الابن المراهق من مادة اللغة العربية التي يرسب في امتحانها كل عام، وبعد أن سلطت «» ومن بعدها وسائل الإعلام المرئية الضوء على حالة بيبرس، استجاب المسؤولون بالوزارة وتم إعفاءه من درجات امتحان اللغة العربية ضمن المجموع الكلي للسنة الدراسية.
الكتاب يرصد رحلة بيبرس مع متلازمة أسبرجر من الميلاد حتى الآن
خطوات ومراحل عديدة مرت بها الأم «ندا النيل»، مع ابنها الوحيد، بداية من رحلة البحث بين الأطباء عن تشخيص لحالته حتى صعوبات الدراسية باللغة العربية، حتى صدر قرار الإعفاء من وزارة التربية والتعليم، كل ذلك دفعها لتوثيق رحلة ابنها مع «متلازمة أسبرجر» في كتاب يحمل اسمه «بيبرس» وشاركت به في معرض الكتاب.
يهدف الكتاب إلى توعية الأمهات للاستفادة من التجربة الخاصة بها مع متلازمة أسبرجر، إلى جانب التوعية، بكيفية التعامل الأمثل، خاصة وأن هناك عشرات الحالات المماثلة لحالة «بيبرس» بحسب قول الأم.
الإشارة إلى تقرير جريدة في الصفحة 188 من الكتاب
في الصفحة رقم 188 من الكتاب، أشارت الأم مؤلفة الكتاب إلى دور الإعلام الذي ساعدها في حل مشكلة «بيبرس» مع الدراسة باللغة العربية، وتحديدا تقرير جريدة «»، في مطلع يونيو الماضي، «متلازمة «اسبرجر» تحرمه من نطق العربية.. لسان «بيبرس» لا يتحدث إلا بالإنجليزية»، والذي كان سببا في تسليط الضوء على حالة بيبرس في وسائل الإعلام التلفزيونية منها برنامج «مصر تستطيع»، على فضائية DMC بخلاف نقل القصة عبر العديد من المواقع والصحف العربية، ما أدى في النهاية إلى استجابة الوزارة وإعفاء الشاب المراهق من درجات امتحان اللغة العربية.